ليكون خلوُّ كلِّ كون عنه ولو مع عدم الاشتغال بشيء من الصلاة موجباً للبطلان ، وإنّما هو على تقدير الشرطيّة شرط في المضيِّ في الصلاة والاشتغال بأفعالها وأقوالها. على أنّ الظاهر كون نفس الشكّ مبطلاً ؛ لقوله عليهالسلام : « إذا شككت في الفجر فأعد » (١) ، ولا بدّ من حمله على خلاف ظاهره ، وأنّ المراد به عدم المضيّ في الصلاة والتوقّف حتى يظهر الحال ، وأنّه ليس على حدّ الشكّ في القراءة حال الركوع أو فيه حال السجود في عدم الالتفات والمضيّ في الصلاة.
وأمّا عَدُّ بعض الفقهاء كالشهيد (٢) الشكَّ في الأُوليين من المبطلات ؛ فلعلّه لمنع الشكّ من المضيِّ في الصلاة وإيصال الأجزاء اللاحقة بالسابقة حالته ، فهو كالحدث في إسقاط قابلية إيصال الأجزاء اللاحقة بالسابقة في الجملة ، فأطلق عليه اسم المبطل.
ثم إنّه هل يجوز إبطال الصلاة بمجرد عروض الشكّ مطلقاً ، أو يحرم مطلقاً ، أو يجوز بعد التروّي لا قبله؟ وجوه :
قد يقال بالأوّل ؛ لأنّ المكلّف إنّما كُلّف بكُلِّيِّ الصلاة مع قطع النظر عن ملاحظة خصوصيّة الأفراد ، ومقتضاه التخيير بين سائرها حتى لو شرع في بعضها لولا ما دلّ على حرمة إبطال العمل ، فإذا فرض عروض الشكّ في الأثناء ، ومانعيّته من المضيّ مع فرض بقاء الأمر بكلِّيِّ الصلاة ، جاز إيجاد الكلِّيِّ في الفرد الآخر ، وامتثال الأمر الموجّه إليه حين الشكّ به ؛ إذ الفرض عدم تمكّنه من امتثال الأمر بالفرد المشروع فيه.
وقد يقال بالثاني ؛ لأنّه وإنْ كان غير متمكّن من إتمام الفرد حين الشكّ إلّا إنّ مقتضى أدلّة حرمة إبطال العمل بشهادة العرف وبناء العقلاء حرمةُ استناد الإبطال إلى فعل المكلَّف واختياره ، ومقتضاه وجوب بقائه على حال المصلّي حتى يتحقّق المبطل
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٧٨ / ٧١٤ ، الإستبصار ١ : ٣٦٥ / ١٣٩٠ ، الوسائل ٨ : ١٩٣ ، ١٩٤ ، أبواب الخلل في الصلاة ، ب ٢ ، ح ١ ، ٥.
(٢) الروضة البهيّة ١ : ٣٢٩.