المحتملات ويرتكب الباقي ، وأنّ حرمة ذلك نفسيّة ، وأنّ مطابقة الاحتمال للواقع لا أثر لها عند الشارع.
لكنّ الإنصاف أنّ هذا على فرض صحّته لا يدلّ عليه : « لا تنقض » ؛ لأنّ الاكتفاء في الامتثال بالاحتمال ليس نقضاً لليقين ، كما أنّ الامتثال بطريق اليقين ليس نقضاً لليقين بمثله ، بل ومعصية التكليف المعلوم ليس نقضاً له.
ثم إنّ وجوب الإتيان بالمشكوك فيه في محلّه لم يثبت من أحد القول بخلافه ، إلّا ما ينسب (١) إلى الشيخين (٢) وابن حمزة (٣) من أنّ الشكّ في الأُوليين موجب للبطلان سواء تعلق بالركن أو غيره ، وسواء تجاوز المحلّ أو لا ، مستدلّين بظاهر قوله عليهالسلام : « إذا شككت في المغرب فأعد » (٤) وقوله عليهالسلام : « لا سهو في المغرب » (٥) ، وقوله عليهالسلام : « وليس فيهنّ السهو » (٦).
لكنّه يبعد جدّاً أنْ يكون بناؤهم على أنّ مجرّد الشكّ في شيء من أفعال الصلاة وإنْ كان غير ركن ولم يتجاوز محلّه يبطلها ، إذ لا ريب في أنْ الشكّ بمجرّده لا أثر له ، لا سيّما بعد زواله وإنْ نُسِب إلى العلّامة رحمهالله الميل إلى البطلان بالشكّ في الركن في المحلّ ، إلّا إنّه أهون ممّا نسب إليهم. وممّا يبعد بناءهم على ذلك أنّه لو كان مستندهم تلك الأخبار كما هو مقتضى النسبة لحكموا بالبطلان حتى في ثالثة المغرب ؛ لأنّ الظهور في البطلان يجري فيها أيضاً ، مع أنّ المنسوب إليهم البطلان في خصوص الأُوليين.
__________________
(١) الجواهر ١٢ : ٣١٢.
(٢) المقنعة : ١٤٥ ، النهاية ( الطوسي ) : ٩٢ ، المبسوط ١ : ١١٩.
(٣) الوسيلة : ١٠١.
(٤) الكافي ٣ : ٣٥٠ / ١ ، التهذيب ٢ : ١٧٨ / ٧١٤ ، الوسائل ٨ : ١٩٤ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢ ، ح ٥.
(٥) الكافي ٣ : ٣٥٩ / ٥ ، الفقيه ١ : ٢٣١ / ١٠٢٨ ، التهذيب ٣ : ٥٤ / ١٨٧ ، الوسائل ٨ : ١٩٧ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢ ، ح ١٣ ، باختلاف فيهم.
(٦) الكافي ٣ : ٢٧٣ / ٧ ، الوسائل ٤ : ٤٩ ، أبواب أعداد الفرائض ، ب ١٣ ، ح ١٢.