والجواب عن تلك الروايات من وجهين :
الأوّل : أنْ يراد بالسهو خصوص الشكّ في الركعات بقرينة قوله عليهالسلام : « ألا أجمع لك السهو في كلمتين » (١) ، فإنّ المراد به خصوص الشكّ في الركعات.
الثاني : أنّه مخصّص ببعض ما دلّ من الأخبار (٢) على أنّه إذا شكّ في التكبير وهو في القراءة ، أو فيها وهو في الركوع .. وهكذا ، لم يلتفت. فإن الشكّ بعد التجاوز إذا كان غير مبطل فعدم إبطاله في المحلّ بطريق أوْلى ، هذا حكم الشكّ قبل التجاوز.
وأمّا بعده فهو وإنْ كان مقتضى أصل العدم عدم الإتيان به بالمشكوك فيه إلّا إنّ المقام من موارد أصالة الصحّة ، والمراد أصالة الصحّة في فعل نفس الشخص لا فعل الغير ، فإنّ الظاهر من حال الشخص المشغول بعمل كونُه ذاكراً للمأتيِّ به ، فلا يترك شيئاً منه كما هو مقتضى قوله عليهالسلام : « هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ » (٣) ، فيكون من قبيل تعارض الأصل والظاهر ، فيعمل على الظاهر لتقدّمه على الأصل فيه.
إنّما الإشكال في تحقيق المحلّ والتجاوز ، فإنّ القدماء (٤) ذهبوا إلى أنّ ذلك بالنسبة إلى العناوين المستقلّة ، بمعنى أنّ مجموع القراءة شيء واحدٌ ، فإذا شكّ في شيء منها ولم يدخل في الركوع كان في المحلّ ، فيجب الإتيان به وإنْ دخل فيما بعد المشكوك فيه من أجزاء القراءة ، وكذا كلّ من مجموع الركوع ومجموع السجود ومجموع التشهّد ومجموع السلام شيء واحد ، فإذا شكّ في بعض أجزائها وجب الإتيان به ما لم يدخل في العنوان الآخر.
وأمّا المتأخّرون (٥) فاعتبروا أبعاض هذه أشياء مستقلّة ، وأنّ تجاوز بعضها يحصل بمجرد الدخول في البعض الآخر وإنْ لم يتجاوز ذلك العنوان ، فإذا شكّ في ( إِيّاكَ
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٢٥ / ٩٩٢ ، الوسائل ٨ : ٢١٢ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٨ ، ح ١. باختلاف يسير.
(٢) الوسائل ٨ : ٢٣٧ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢٣.
(٣) التهذيب ١ : ١٠١ / ٢٦٥ ، الوسائل ١ : ٤٧١ ، أبواب الوضوء ، ب ٤٢ ، ح ٧.
(٤) انظر : مفتاح الكرامة ٣ : ٣٠٣.
(٥) الجواهر ١٢ : ٣١٨ ٣١٩.