نَعْبُدُ ) (١) بعد الدخول في ( إِيّاكَ نَسْتَعِينُ ) (٢) كان شكّاً بعد التجاوز ، فلا يلتفت إلى المشكوك فيه.
فلا بد حينئذ من ملاحظة الأخبار ليتّضح الحال ، فمنها : صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكّك ليس بشيء » (٣) ، ورواية إسماعيل ابن جابر عنه عليهالسلام ، قال : « إنْ شكّ في الركوع بعد ما سجد فليمضِ ، وإنْ شكّ في السجود بعد ما قام فليمضِ ، كلّ شيء شكّ فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمضِ عليه » (٤) ، ولا يخفى أنّ الشيء بعمومه يتناول كلّ جزء من أجزاء الصلاة فيشمل أبعاض القراءة والذكر حتى الكلمات بل الحروف ، فيكون دليلاً للمتأخّرين.
والتحقيق : أنّ المراد بالخروج عن الشيء لا يخلو عَن أُمورٍ ثلاثة :
الأوّل : الفراغ الحسّي من الشيء ، إلّا إنّه لا يجتمع مع الشكّ في أصل الشيء ، فلا بدّ من إرادة الشكّ في بعض ما يتعلّق به من الأجزاء والشرائط ، إلّا إنّ ظاهر الرواية (٥) سَوْقُها للشكّ في أصل الشيء ؛ لأنّ مورد مثالها من شكّ في الأذان بعد الدخول في الإقامة ، أو فيها بعد الدخول في التكبير ، أو فيه بعد الدخول في القراءة ، أو فيها بعد الدخول في الركوع. وهو ظاهر في الشكّ في أصل هذه الأشياء ، فالظاهر كون المراد بالشكّ في الشيء المذكور في الرواية الشكّ في أصله لا فيما يتعلّق به ؛ لأنّه في بيان حكم كلّيِّ هذه الأُمور ، فيكون المراد بمتعلّق الشكّ واحداً.
الثاني : الخروج المعنوي وهو فوات الشيء وامتناع تداركه ، فيكون خارجاً عنه ، أي غير مبتلىً به ، بل خرج من عهدته والإلزام به ، وهو إنّما يكون بالدخول في ركن آخر ، إلّا إنّه لا ينطبق أيضاً على مورد الرواية لذكره فيها من موارد الخروج عن الشيء ما لم يتحقّق فيه الدخول في ركن آخر ، كالشكّ في الأذان في أثناء الإقامة ، وفي
__________________
(١) الفاتحة : ٥.
(٢) الفاتحة : ٥.
(٣) التهذيب ٢ : ٣٥٢ / ١٤٥٩ ، الوسائل ٨ : ٢٣٧ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢٣ ، ح ١.
(٤) التهذيب ٢ : ١٥٣ / ٦٠٢ ، الوسائل ٦ : ٣٦٩ ، أبواب السجود ، ب ١٥ ، ح ٤.
(٥) التهذيب ٢ : ٣٥٢ / ١٤٥٩ ، الوسائل ٨ : ٢٣٧ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢٣ ، ح ١.