التكبير في أثناء القراءة.
الثالث : الخروج عن محلّ الشيء حيث يكون له محلّ مخصوص ، وهو إنّما يتمّ في الأُمور المرتّبة المعتبر فيها تقدّم شيء على غيره كأفعال الصلاة ، وهذا هو الظاهر.
ثم إنّ الترتيب المعتبر في الأجزاء قد يلحظ في العمل الواقع فيه الشكّ ولم يكن ملحوظاً قبل ، كالترتيب بين مجموع القراءة مع الركوع ومجموعه مع السجود ، وقد يلحظ قبل اعتبار العمل ، كالترتيب بين نفس أجزاء الفاتحة ، فإنّه معتبر فيها مع قطع النظر عن الصلاة.
فإنْ أُريد من الخروج تجاوز المحلّ المجعول له في ذاته مع قطع النظر عن المشكوك فيه كما هو الظاهر وافق المتأخّرين (١) من حصول التجاوز عن ( إِيّاكَ نَعْبُدُ ) (٢) بالدخول في ( إِيّاكَ نَسْتَعِينُ ) (٣) ؛ لأنّ المحلّ المجعول لـ ( إِيّاكَ نَعْبُدُ ) مقدّم على ( إِيّاكَ نَسْتَعِينُ ) مع قطع النظر عن الصلاة.
وإنْ أُريد من الخروج تجاوز المحلّ المجعول له في العمل المشكوك فيه وافق مذهب القدماء ؛ لكون مورد الرواية حينئذٍ الشكّ في أصل القراءة بعد الدخول في الركوع دون الشكّ في أبعاضها ، إذ لم يجعل لها محلّ مخصوص في الصلاة ليندرج الشكّ فيها في الرواية ، فيجب الرجوع إلى الأُصول الأوّليّة وأصالة عدم الإتيان بالمشكوك فيه فيجب الإتيان به ، وهو مطابق لمذهب القدماء ، إلّا إنّه خلاف الظاهر لاحتياجه إلى قرينة تخصّص الشيء بالعناوين المستقلّة ، أو اختصاص المحلّ بالمجعول للشيء في العمل الواقع فيه الشكّ ، والفرض عدمها.
وقد يؤيّد قول القدماء بأنّه على قول المتأخّرين بعموم الشيء يحصل التعارض بين أصالة العدم وأصالة الظهور ، فيما إذا شكّ في جزء من الفاتحة بعد الدخول في السورة ، فإنّه كما يصدق أنّ الآية شيء كذلك يصدق على مجموع القراءة أنّه شيء ، وحينئذ فإذا لوحظ كون الآية من الفاتحة بنفسها شيئاً صدق عليه أنّه شكّ في شيء
__________________
(١) الذخيرة : ٣٧٥ ، الجواهر ١٢ : ٣١٨ ٣١٩.
(٢) الفاتحة : ٥.
(٣) الفاتحة : ٥.