وهو الآية وقد دخل في غيره وهو الآية الأُخرى أو السورة ، فيكون حكمه عدم الالتفات بمقتضى قاعدة الشكّ بعد الفراغ ، المستفادة من منطوق الرواية (١).
وإذا لوحظ كون مجموع القراءة شيئاً صدق عليه أنّه شكّ في شيء وهو القراءة باعتبار الشكّ في جزئها ولم يدخل في غيرها ، فيكون مقتضى مفهوم الرواية وأصالة العدم الإتيان بالمشكوك فيه ، فيتعارض المنطوق والمفهوم وأصالة العدم وأصالة الظهور ، فيتساقط ويرجع إلى الأصل الأوَّلي ، وهو أصل العدم المدلول عليه بأدلّة الاستصحاب ، فيجب الإتيان بالمشكوك فيه كما هو مقتضى قول القدماء.
إلّا إنّ الحقّ هو العمل بقاعدة الشكّ بعد الفراغ ؛ لأنّ مجموع القراءة وإنْ كان شيئاً قابلاً للشكّ فيه إلّا إنّ الشكّ فيه هنا مسبَّبٌ عن الشكّ في جزئه ، فهنا شكّ سببيٌّ وهو الشكّ في الجزء وشكّ مسبَّبيٌّ وهو الشكّ في المجموع ، وقد تقرّر أنّ الأصل في الشكّ السببيِّ وارد على الأصل في المسبَّبيِّ ، وأنّه على تقدير إعمال الأصل في السببيّ يزول المسببيّ فهو بالنسبة إليه كالدليل ، فيتعيّن العمل به ولا يصلح الأصل في المسبّبي لمقاومته.
وقد يؤيّد قول القدماء بأنّه على تقديره يكون : « ودخلت في غيره » (٢) مؤسِّساً ومفيداً فائدة لم يفدها : « خرجت من شيء » ، فإنّ الخروج من الشيء على قولهم ينفك عن الدخول في الغير ؛ لإمكان الخروج عن القراءة وعدم الدخول في الركوع .. وهكذا. فإذا اعتبر الدخول في الغير في الحكم بعدم الالتفات ، فلا بدّ من ذكر ما يدلّ عليه.
وأمّا على قول المتأخّرين من عموم الشيء فلا يتحقّق الخروج من شيء إلّا بالدخول في غيره ، فلا يخرج من ( إِيّاكَ نَعْبُدُ ) إلّا بالدخول في ( إِيّاكَ نَسْتَعِينُ ) ، فيكون : « ودخلت في غيره » توضيحيّاً ، مع أنّ الظاهر من القيد كونه احترازيّاً ، فيكون ذلك قرينة على قول القدماء ، إلّا إنّ هذا المقدار من الظهور لا يصرف العامّ عن
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٥٢ / ١٤٥٩ ، الوسائل ٨ : ٢٣٧ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢٣ ، ح ١.
(٢) التهذيب ٢ : ٣٥٢ / ١٤٥٩ ، الوسائل ٨ : ٢٣٧ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢٣ ، ح ١.