على الإخفات في أُولييها مع أنّهم قد استثنوا البسملة فيهما.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّ ما دلّ من النصّ والإجماع على الجهر بها في الأُوليين عامّ للأخيرتين ، ومدّعي التخصيص عليه الدليل ، وقد عرفت عدم المدخليّة للتعيين والتخيير في الجهر والإخفات.
وأمّا ثالثاً ؛ فلأنّ ما نقله من عدم الخلاف حتى من القائلين بعدم وجوب الجهر والإخفات في مواضعهما واضح البطلان لوجوه :
الأوّل : أنّ خلاف القائلين بعدم وجوب الجهر والإخفات في مواضعهما جارٍ في الأخيرتين ، كما صرّح به جمع من الفضلاء كالشيخ علي المقابي ، وغيره.
الثاني : أن مواضع الجهر التي وقع النزاع في وجوبها فيها بين الإماميّة أنّما هي الصبح وأولتا الثلاثيّة والرباعيّة هي الظهران والأخيرة والأخيرتان من الرباعيّة ، كما صُرِّحَ به في الكتب الفقهيّة.
فلو قيل : إنّ الأخيرتين لا خلاف فيهما ؛ لانحصر الخلاف [ في (١) ] مواضع الإخفات في أُوليي الإخفات فقط ، ولا يقول به ذو رويّة ، مع أنّ ابن إدريس عدّ الأُوليين من الإخفاتيّة نظراً إلى استحباب الجهر بالبسملة فيهما من المواضع الجهريّة ، وحصر مواضع الإخفات في الأخيرتين من الجهريّة والإخفاتيّة.
قال في سرائره في بيان مواضع الجهر والإخفات : ( فقد صار المراد [ بالجهريّة (٢) الركعتين الأُوليين دون الأخيرتين ) (٣). ولا يخفى ما بين الكلامين من [ التباعد (٤) والمنافاة بالكلّية.
الثالث : أنّ الظاهر من نفي ابن إدريس الخلاف أنّما هو من القائلين بوجوب الإخفات في مواضعه ، ونفيه الخلاف بالكلّيّة لعدم الاعتداد به كما هو عادته ، وسنتلو عليك شطراً منه ، وهذا نهاية ما قاله في السرائر :
( ولا خلاف بيننا في أنّ الصلاة الإخفاتيّة لا يجوز فيها الجهر بالقراءة ، والبسملة
__________________
(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) ] في المخطوط : ( بالجهر ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٣) ] السرائر ١ : ٢١٨.
(٤) في المخطوط : ( التتابع ).