قصّة عمّار الذي هو جلدة بين عيني المختار (١) ، وسؤال داود بن النعمان (٢) الذي هو من أفاضل رواة الأعيان عن كيفيّة التيمّم مع طول صحبته للإمام ، ونرى عليّ بن جعفر مع طول صحبته لأخيه عليهالسلام ، وزرارة ، ومحمّد بن مسلم ، وأضرابهما من أوتاد الأنام قد يسألون عمّا لا يجهله سائر العوامّ من أحكام الشكوك والطهارة والصلاة والصيام ، كما لا يخفى على المتتبّع الحاذق بالتتبّع الصادق ، مع أنّه لم يؤثّر نقصاً في جلالتهم وفقاهتهم وطول صحبتهم وملازمتهم ، بل هذا وأمثاله ممّا يدلّ على جلالتهم حيث إنّهم لا يكتفون في معرفة الأحكام بمجرّد السماع من الإمام أو بما تخيّله الأفهام والأوهام ، بل لا بدّ من السؤال في الجزئيّات والكلّيّات والكسبيّات والبديهيّات عمّا يأمرهم به في عامّة الأوقات.
وأمّا رابعاً ؛ فلأنّ مجرّد الإخفاء لا يدلّ على عدم جواز الإجهار ؛ لعدم المانع من كون ذلك الإخفاء لنوع من التقيّة والاضطرار ، بناءً على عموم التقيّة لها كما هو خفاء بعض الأخبار ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار.
ثمّ قال شدّ الله عليه نطاق النوال ـ : ( لا يقال : إنّ ( اقرأ ) فعل أمر لا مضارع ؛ لأنّا نجيب عنه :
أوّلاً : بأنّه لم يحتمله أحد من أصحابنا ، بل استدلّوا به على أفضليّة القراءة للإمام لأنّه عمل الصادق عليهالسلام.
وثانياً : بأنّه استفهام عن فعل الإمام عليهالسلام في الأخيرتين ، فيجاب عنه بالخبر لا بالإنشاء ؛ لأنّه من المقطوع به في اللغة العربيّة أنّه لا يجاب عن الاستفهام عمّا يفعله المخاطب إلّا بالخبر وهو فعله ، ووقوع غير ذلك غير موجود ، وإنْ وُجِد نادراً فغير قادح ، لأنّ كلام الأئمّة عليهمالسلام يُحْمل على الوجه الأكمل ؛ لكونه تحت كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ، وحملُهُ على إضمار الجواب أبعدُ من الأوّل ؛ لأنّ الأصل عدم التقدير ، بل الحذف ممتنع ؛ لعدم القرينة على تعيين المحذوف ، ولأنّ الاستفهام عمّا يفعله الإمام إذا كان إماماً لا [ ما (٣) ] يفعله السائل ، فيتعيّن ما ذكرناه ، وهو
__________________
(١) كشف الغمّة : ٢٦٠ ، البحار ٣٣ : ١٢ / ٣٧٥.
(٢) التهذيب ١ : ٢٠٧ / ٥٩٨ ، الوسائل ٣ : ٣٥٩ ، أبواب التيمّم ، ب ١١ ، ح ٤.
(٣) من المصدر.