وذكر مثل هذا السند في موضعين من الكتاب (١) ، كما نقله بعض ثقات الرجال والحديث. وكلّه شاهد على رواية محمّد بن سنان أخي عبد الله ، عن الصادق عليهالسلام مشافهة وليس هو محمّد بن سنان الزاهري ؛ لأنّه لم يروِ عن الصادق عليهالسلام بالأصالة كما يدلّ عليه التتبّع أيّ دلالة ، والاعتذار بأنّ محمداً نادر الرواية غير مجدٍ ؛ لإمكان وقوع النادر.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّ تقريبه أنّما يتمّ على تقدير كون السؤال عمّا يفعله حال كونه إماماً ، والسوْقُ يأباه والأُسلوب يدفعه ؛ لأنّه أنّما يتمّ على جعل قوله : ( وقال : « يجزيك التسبيح في الأخيرتين » ) (٢) خبراً مستقلا ، ولا يخفى أنّ اقتطاع بعض الحديث وإفراده عن باقيه بمجرّد ظنّ الاستقلال بعيدٌ مُوقعٌ في الخطأ في الاستدلال ، والفصل بكلمة ( قال ) لما بين حكم الأُوليين والأخيرتين من الاختلاف ، لا للانتقال ، بل لو صحّ كون السؤال عمّا يفعله حال كونه إماماً لكان دلالة على المراد أظهر من الشمس في ساعة الراد ، كما قرّرناه في الرسالة.
وأمّا ثالثاً ؛ فلأنّ مجرّد السؤال لا يستلزم خفاء فعل الإمام ، ولا ينافي كثرة الصحبة له عليهالسلام.
أمّا الأوّل ؛ فلعدم المانع من جعل الغرض من السؤال طلب معرفة حقيقة الحال ، وأنّ قراءته عليهالسلام هل هي موافقة لمعتقده المطابق لنفس الحكم الواقعي ، أم لنوع من التقيّة ، أو غير ذلك؟ لاختلاف الأحكام باختلاف الأشخاص والأحوال ، وتفويض أمر الشريعة لهم عليهم سلام ذي الجلال.
ويؤيّده إطلاق القول إطلاقاً شائعاً على الرأي والاعتقاد ، واختلاف الإماميّة الاختلاف الكثير في حكم قراءة المأموم خلف الإمام ، إلّا إن الغرض من الاستفهام طلب معرفة الحكم فقط ، كما لا يخفى على ثاقبي الأفهام.
وأمّا الثاني ؛ فلأنّ كثرة الصحبة لا تستلزم معرفة جميع الأحكام في أوّل جزء من أجزاء زمان صحبة الإمام ، وإنّما تتجدّد الصحبة آناً فآناً ومكاناً فمكاناً ، كما يشهد به
__________________
(١) طبّ الأئمة : ١٥ ١٦.
(٢) انظر : ص ٣٨ هامش ٧.