الشريف في كثير من حواشيه (١) ومؤلّفاته وفوائده : أنّه يفيد العموم عند عدم العهد ؛ لأنّ اسم الجنس إذا استُعْمل ولم تقم قرينة تخصّصه ببعض ما يقع عليه كان لاستغراق الجنس. ولا يخفى أنّه لا عهد هنا ، فيثبت المطلوب أيضاً ، مع أنّ الجهر بها فيهما غير مقيّد بحالة من الحالات ، والله الهادي في المبادئ والغايات.
وأمّا رابعاً ؛ فلأنّه لو تمّ ما ذكره من قصر دلالتها على مطلق الجهر لم يكن لتخصيص تأديته بالجهر في الأُوليين فائدة ، بل يكفي الجهر في الثالثة فقط ، أو الرابعة فقط ، أو بالجهر في بسملة الفاتحة من الأُوليات دون السورة ، أو بالعكس ، وهو باطل ؛ إذ لا قائل به من الأصحاب ، وما ذاك إلّا للعموم ، وما يستلزم باطلاً فهو باطل ، وجِيدُهُ من القبول عاطل.
وأمّا خامساً ؛ فلأنّه أنّما يتأتّى على تقدير أنّ المطلق ما دلّ على واحد لا بعينه ، والظاهر فساده ، فإنّ كونه واحداً وكونه غير معيّن قيدان زائدان على ماهيّته ، كما صرّح به العلّامة في نهايته.
وأمّا سادساً ؛ فلأنّه إنّما يتمّ لو سلّم أن لو كانت الدلالة بالإطلاق فقط ، إلّا إنّ جلّ المحقّقين قد صرّحوا بأنّ الدلالة بالعموم ، وإذا دار الأمر بين العموم والإطلاق عمل بمقتضى العموم ؛ لما فيه من يقين البراءة دون الإطلاق ، والجمع بين الدليلين مهما أمكن بالعمل بهما خير من الطرح في البين.
وأمّا قوله : ( بل يتأدّى بالجهر في الصلاة الجهريّة ).
ففيه : أوّلاً : ما مرّ في ما ذكره من التأدية بالجهر في الأُوليين.
وثانياً : أنّ الجهر بها حينئذٍ لا يتحقّق به إقامة الشعار ؛ لأنّه أنّما وقع تبعاً لما لا بدَّ فيه من الإجهار ؛ لأنّ الأُمور اللّابديّة العاديّة لا يُعمل فعلُها موافقةً وطاعة مرضيّة ، ولهذا استثني من السنّة الأُمور العادية.
وثالثاً : خروج الشعار عن كونه شعاراً بجهر المخالف الذي يراها آية من الفاتحة في المواضع الجهريّة ، كما لا يخفى على ذي رويّة.
__________________
(١) الهامش على كتاب المطوّل : ١٧٦.