ومن إفادة المفرد المحلّى بلام الجنس العموم ، فيدلّ على كلّ فرد من أفراد الجهر سواء في ذلك الأُوليات والأُخريات ، أو أنّ الجهر من حيث هو من غير قيد بحالة من الحالات من علامة الشيعة السُّراة ، ثانياً. إلى غير ذلك من الوجوه التي مرّ ذكرها هناك.
وأمّا قوله : ( بل إنّما تدلّ على نفس الجهر من حيث هو ).
ففيه : أوّلاً : ما مرّ.
وثانياً : أنّ ما جعله مناطاً للفرق بين الأمرين أنّما هو فرق بين العامّ والمطلق ، فإنّ المطلق هو اللفظ الدالّ على الماهيّة من حيث هي من غير اعتبار وحدة أو كثرة أو عموم أو خصوص ، والعامّ ما دلّ عليها مع قيد الكثرة الشاملة ، كما صرّح به العلّامة في نهايته ، والمقداد السيوري في كنزه (١) ، وغيرهما من المحقّقين.
فغاية ما يمكن أن يقال : إنّها أنّما أفادت الإطلاق لا العموم ، وهو كافٍ في الاستدلال ، كما لا يخفى على مَنْ عرف الرجال بالحقّ ، لا الحقّ بالرجال.
وثالثاً : أنّه قد اعترف بدلالته على استحباب الجهر من حيث هو بلا شرط شيء ، فلا بدّ من تقييده ببعض الركعات من المقيّد ، كما لا يخفى على نبيه.
ورابعاً : أنّ عدم اعتبار الإطلاق فيه لا يدلّ على عدمه ؛ لعدم الملازمة بين عدم الاعتبار وبين العدم ، وعدم المنافاة بين الشيء وعدم اعتباره ، وإنّما المنافاة بين اعتبار الشيء واعتبار عدمه ، ألا ترى أنّ الحضور الذهني معتبر في المعرّف بلام الحقيقة ، وغير معتبر في أسماء الأجناس مع تجويزهم دخول لام الحقيقة عليها؟! كما هو مقرّر في محلّه ، وما ذاك إلّا لأنّ عدم اعتبار الحضور لا يستلزم عدمه ، وإلّا لزم الجمع بين المتنافيين.
وحينئذٍ ، فغاية ما يمكن أنْ يقال بعد التنزّل وتسليم الفرق ـ : إنّ دلالة مطلق الشيء على الكثرة ليس كدلالة المطلق ، كما أنّ دلالة المطلق ليست كدلالة العامّ ، وكما أنّ دلالة المفرد المحلّى بـ ( اللّام ) على العموم ليست كدلالة سائر صيغ العموم.
وأمّا قوله : ( فيتأدّى بما ذكرناه ضرورة تأدية مطلق الشيء ببعض أفراده ) ، فهو مجرّد
__________________
(١) كنز العرفان ١ : ٤.