تطويل بلا طائل ، لا يرجع إلى نائل ، وقد مرّ ما فيه مراراً.
وأمّا قوله : ( مع معارضة إطلاقها المدّعى بصحيحة عبد الله بن سنان وصحيحة زرارة المتقدّمتين ) ، فضعفه يُعْرف ممّا أسلفناه في ذيل هاتين الصحيحتين ، ومن هنا يُعْلم ما في ضعف كلامه ، فلا حاجة إلى التعرّض لنقضه بتمامه.
ثمّ قال حقّق الله الآمال ـ : ( ودعوى إطلاق الأخبار وقع تقليداً من المتأخّرين للمتقدّمين ، هذا ولو لم يكن في الإخفات بالبسملة إلّا الاحتياط لكفى ؛ لأنّ المشهور لا يوجبون الجهر ، وأبو الصلاح (١) وابن إدريس (٢) مانع من الجهر ، وابن البرّاج (٣) قد علمت أنّه لا يوجب إلّا في الأُوليين ، ومع صحّة ما ادّعى عليه من إيجاب الجهر على الإطلاق لا يلتفت إلى قوله ؛ لعدم وجود حجّة صالحة للوجوب ، بل الاستحباب ، فانظر ولا تغفل ).
أقول : أمّا أنّ دعوى الإطلاق وقع تقليداً للمتقدّمين فلا يخفى ما فيه :
أمّا أوّلاً ؛ فللإزراء بأساطين التحقيق وفساطيط التدقيق ، حيث لم يميّزوا الغثّ من السمين والبائر من الثمين ، مع أنّ تحقيق أحوال الفقه وتطبيق فروعه عليها إنّما صدر من أُولئك الجهابذة المتقنين ، فإن اعترف بفهم أُولئك الأقدمين منها الإطلاقَ ، كفانا دليلاً فَهْمُ أُولئك الأعلمين.
وأمّا ثانياً ؛ فلقول جلّهم أو كلّهم بعدم جواز تقليد أحد من الأموات ، فنسبته إليهم خلاف ما قرّروه من تلك القواعد والاصطلاحات ، وهذا وإنْ لم يكن حكماً شرعيّاً ، إلّا إنّه قانون كلّي ينطبق عليه كثير من جزئيّات الأحكام الشرعيّات.
وأمّا قوله : ( ولو لم يكن في الإخفات بالبسملة إلّا احتياط لكفى ).
ففيه : أولاً : عدم الداعي للاحتياط هنا ، إذ مع فقد الدليل على الإخفات لا يمكن القول بتوقّف يقين البراءة ؛ إذ مجرّد خلاف أحد لا يستلزم الاحتياط ، وعدم يقين البراءة لا يخفى على مَنْ عنده من الاعتساف براءة ، وإلّا لاستحبّ الإخفات للمنفرد في أُوليي الإخفاتيّة خروجاً من خلاف ابن الجنيد (٤) ، لكن لا قائل به ، مع أنّ بعض
__________________
(١) الكافي ( أبو الصلاح ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٣ : ٢٦٣.
(٢) السرائر ١ : ٢١٨.
(٣) المهذّب ١ : ٩٧.
(٤) عنه في المختلف ٢ : ١٥٥ ، فتاوى ابن الجنيد : ٥٦.