وهذا غريب منه رحمهالله ، وكأنّه نقله بالمعنى ، مع إنّي تتبّعت مظانّه من ( الكافي ) فلم أقف إلّا على خبر محمّد بن الفضل الهاشمي ، المرويّ في كتاب الحجّ ، قال : دخلتُ مع إخوتي على أبي عبد الله عليهالسلام فقلنا : إنّا نريد الحجّ وبعضنا صرورة ، فقال : « عليكم بالتمتّع ، فإنّا لا نتّقي في العمرة إلى الحجّ سلطاناً ، واجتناب المسكر ، والمسح على الخفّين » (١).
ورواه الصدوق في ( الفقيه ) (٢) والشيخ في ( التهذيب ) (٣) كلاهما في كتاب الحجّ أيضاً بالسند والمتن المذكورين ، إلّا إنّ فيهما : « فإنّا لا نتّقي أحداً في التمتّع بالعمرة إلى الحجّ ».
وبالجملة ، فما نقله شيخنا المذكور عن ( الكافي ) لم أقف عليه في مظانّه ، وما ذكره مؤلِّف الرسالة سلّمه الله تعالى من اشتمال صحيح زرارة على عدّ الجهر بالبسملة ممّا لا تقيّة فيه ظاهر الفساد وطافح الكساد ؛ لما عرفت من أنّ الأخبار الواردة في هذا المعنى التي نقلناها هنا كلّها خالية عمّا ادّعاه ، وإنّما هو مذكور في ما نقله ابن أبي عقيل (٤) متواتراً عن آل الرسول ، وفي ( البحار ) (٥) و ( الدعائم ) (٦) مرسلاً عن الصادق عليهالسلام.
وأمّا ثالثاً ؛ فلإخراجه حكم المأموم مع اعترافه بالعموم ، وقد مرّ الكلام عليه ، وأنّ ظاهر الأخبار وعلمائنا الأخيار هو عموم استحباب الجهر لكلّ مصلٍّ كان ، كما مرّ الكلام عليه في ذلك المكان.
وأمّا رابعاً ؛ فلتنظّره في أصالة الجهر ، مع أنّ ظاهر الكتاب والسنّة أنّ الأصل أنّما هو الجهر ، كما حقّقناه في رسالتنا الكبرى بما لا مزيد عليه ؛ لقوله تعالى ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً ) (٧).
والتقريب من وجوهٍ :
منها : أنّ الجهر والإخفات حقيقتان متضادّتان لا يجتمعان ولا يرتفعان ، فلا بدّ من
__________________
(١) الكافي ٤ : ٢٩٣ / ١٤. (٢) الفقيه ٢ : ٢٠٥ / ٩٣٦ ، بتفاوتٍ يسيرٍ.
(٣) التهذيب ٥ : ٢٦ / ٧٧ ، بتفاوتٍ يسيرٍ. (٤) عنه في مدارك الأحكام ٣ : ٣٦٠.
(٥) البحار ٧٧ : ٣٠٠. (٦) دعائم الإسلام ١ : ٢٠٩.
(٧) الإسراء : ١١٠.