وهو نفس الماهيّة ، ولا إشعار فيها بدلالة على الإطلاق ، بل جاز قصرها على الصلاة الجهريّة ؛ لأنّها واردة [ في خلاف العامّة (١) ] ، ويظهر خلافهم والإتيان بالمأمور بالجهر بها في الصلاة الجهريّة ، وقد حرّرناه سابقاً فلا نطيل هنا الجواب.
وبالجملة ، فالقول بالوجوب في الأُوليين أو فيهما وفي الأخيرتين كما هو المدّعى على ابن البرّاج لا وجه له ولا برهان.
فكيف كان ، فالقول الذي ذهب إليه ابن إدريس (٢) لا معدل عنه ، فإنْ كان للخصم حجّة غير ما سمعت فليوردها ، وإنْ كانت هي الحجّة فقد أبنّا فسادها وأظهرنا استحالة تلك الدعاوي بالأدلّة الواضحة والبراهين اللّائحة ).
أقول وبالله الثقة وبلوغ المأمول ـ : لا يخفى على ثاقبي الأفهام ما في هذا الكلام من التهافت التامّ :
أمّا أوّلاً ؛ فلأنّ المدّعى أنّما هو دلالة الرواية على الوجوب ، وجوابه أنّما تضمّن أنّ الرواية غير مطلقة ولا عامّة ، وكم بينهما من البون ؛ لأنّ مقتضاه تسليم دلالتهما على الوجوب ، إلّا إنّها غير عامّة ولا مطلقة كما يظهر لمن راجع كلامه وتحقّقه ، وهو بمراحل عمّا أراده ورامه وحاولَ عقده وإبرامه.
وأمّا ثانياً ؛ فلما قرّرناه سابقاً من دلالتها على العموم فضلاً عن الإطلاق ، كما لا يخفى على مَنْ له في المعرفة خَلاق.
وأمّا قوله : ( بل جاز قصرها على الصلاة الجهريّة ) .. إلى آخره ، فقد تقدّم ما فيه مراراً فلا حاجة إلى إعادته.
وأمّا قوله : ( فالقول بالوجوب في الأُوليين أو فيهما وفي الأخيرتين كما هو المدّعى على ابن البرّاج ـ ) .. إلى آخره ، فهو حقيق بالقبول لولا نسبة قول ابن البرّاج إلى الدعوى ، فإنّه خلاف ما صرّح به أُولئك الفحول ، وتظافرت به النقول.
وأمّا قوله : ( وكيف كان ، فالقول الذي ذهب إليه ابن إدريس لا معدل عنه ) ، ففيه ما مرّ مراراً من وجود المقتضي للعدول عنه ، والتزام ما هو المشهور إنْ لم نقل ما هو المجمع
__________________
(١) في المخطوط : ( عن خلاف العلّامة ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٢) السرائر ١ : ٢١٨.