والرجوع أعم من ان يكون بالقول أو الفعل ، فالرهن يكون رجوعا في التدبير كما هو رجوع بالوصية ، لتعلق حق المرتهن فيه ، أما لو صرح برهن خدمته خاصة فقد ذكر المصنف وجهي الصحة والبطلان ، والبطلان هو المعتمد.
قال رحمهالله : ولو رهن المسلم خمرا ، لم يصح ، ولو كان عند ذمي. ولو رهنها الذمي عند المسلم ، لم يصح أيضا ، ولو وضعها على يد ذمي ، على الأشبه.
أقول : قال الشيخ في المبسوط والخلاف : إذا استقرض الذمي من مسلم مالا ورهن عنده بذلك خمرا على يد ذمي آخر يبيعها عند محل الحق ، فباعها واتي بثمنها جاز له أخذه ولا يجبر عليه ، لعدم الدليل على إجباره ، وله ان يطالب بما لا يكون عوضا عن محرم ، وفي هذا الكلام حكمان :
الأول : جواز ارتهان الخمر للمسلم إذا وضعه على يد ذمي ، والمعتمد عدم جوازه ، لأن يد الوكيل يد الموكل ، فكما لا يجوز له مباشرة لا يجوز توكيلا.
الثاني : عدم إجبار المسلم على قبض ثمن الخمر من الذمي ، والمعتمد وجوب القبض أو إبراء ذمته كما لو دفع من غير ذلك ، لأنه مال مملوك.
قال رحمهالله : ولو رهن مالا يصح إقباضه ، كالطير في الهواء ، والسمك في الماء ، لم يصح رهنه. وكذا لو كان ممن يصح إقباضه ولم يسلمه ، وكذا لو رهن عند لكافر عبدا مسلما أو مصحفا ، وقيل : يصح ويضع على يد مسلم ، وهو أولى.
أقول : جواز رهن المصحف والعبد المسلم عند الكافر إذا وضعا على يد مسلم مذهب الشيخ في المبسوط ، واختاره العلامة في القواعد وابنه في شرحه والشهيد في دروسه ، وهو المعتمد ، لأصالة الجواز ، والمانع انما هو ثبوت السبيل وهو منتف هنا ، لأن الرهن ليس تمليكا ولا يوجب استحقاقا ، بل يستلزم أشياء ، وهي غير مانعة :
الأول : ان يباع بالدين مع عدم الافتكاك ، وهو غير مانع ، لأن البائع هو