قال رحمهالله : ولا يشترط في الإبراء القبول على الأصح.
أقول : ذهب الشيخ في المبسوط وابن زهرة وابن إدريس إلى اشتراط القبول في الإبراء لاشتماله على المنة ، ولا يجبر على قبولها كالعين فلو لم يعتبر قبوله أجبر على قبول المنة ، وذهب المصنف والعلامة الى عدم اشتراط القبول ، واستدل القائلون بعدم اشتراط القبول بقوله تعالى ( وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ) (١) ، ومن العجب استدلالهم بهذه الآية على عدم القبول ، وهم اجمعوا على اشتراط القبول في الصدقة ، وإذا كان الإبراء صدقة اشترط فيه القبول ، والآية وان كانت مطلقة فإنها دلت على ان الإبراء صدقة ، وقد ثبت افتقار الصدقة إلى القبول والقرآن مخصص بالإجماع ، وقد اجمعوا على افتقار الصدقة إلى القبول ، فلا تكون الآية دليلا ، والدليل ان الإبراء إسقاط حق ، فلا يفتقر الى القبول كالعتق والطلاق بخلاف الهبة ، فإنها تمليك ، والتمليك يفتقر الى القبول.
قال رحمهالله : ولو وهب ما هو في يد الموهوب له صح ، ولا يفتقر إلى إذن الواهب في القبض ولا مضي زمان يمكن فيه القبض ، وربما صار الى ذلك بعض الأصحاب.
أقول : الصائر الى ذلك الشيخ في المبسوط ، ومذهب المصنف هو المعتمد ، لأن إقرار يده عليه بعد العقد دليل على الرضا بالقبض السابق.
قال رحمهالله : وإذا قبضت الهبة فإن كانت للأبوين لم يكن للواهب الرجوع إجماعا ، وكذا إذا كان ذا رحم غيرهما ، وفيه خلاف.
أقول : عبارة المصنف هنا وفي المختصر دالة على اختصاص الإجماع بالمنع من الرجوع بالهبة إذا كانت لأحد الأبوين أولهما ، ويفهم منه وقوع الخلاف إذا كانت الهبة للأولاد لتخصيص الإجماع بالأبوين ، وكذلك عبارة العلامة في
__________________
(١) البقرة : ٢٨٠.