فعندهم لا تقبل هذه الشهادة ، لأنها له فلا تقبل شهادته لنفسه ، وعندنا تقبل ما لم تحصل التهمة ، وهي تتصور في مواضع :
الأول : ان يحجر على الضامن للفلس ويكون المضمون عنه أحد غرمائه ، ويكون الضمان تبرعا بغير اذن المضمون ، فهنا تتحقق التهمة ، لأن شهادته بالأداء تمنع المضمون له من مخاصمة الغرماء وهو أحدهم.
الثاني : ان يدفع عن الحق عوضا أقل من قيمته ، فهنا تتحقق التهمة ، لأنه يرجع بقيمة المدفوع خاصة.
الثالث : ان يكون الضامن معسرا والمضمون له غير عالم بحاله ، فهنا تتحقق التهمة أيضا ، لأن شهادته بالأداء تمنع رجوع المضمون له عليه.
قال رحمهالله : والضمان المؤجل جائز إجماعا ، وفي الحالّ تردد ، أظهره الجواز.
أقول : قال الشيخ في النهاية : لا يصح ضمان مال ولا نفس إلا بأجل معلوم ، وهو قول المفيد في المقنعة ، وابن البراج في الكامل ومذهب ابن حمزة ، لأن الضمان إرفاق ، فيشترط فيه الأجل إذ الحالّ لا إرفاق فيه ، لأن الضمان الحالّ يسوغ تعجيل المطالبة بالحق المضمون فيتسلّط الضامن على مطالبة المضمون عنه ، فتنتفي فائدة الضمان وهي الإرفاق.
وقال الشيخ في المبسوط وابن البراج في المهذب بجواز الحالّ ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة وأبو العباس ، وهو المعتمد ، لأصالة الجواز ، وعموم قوله عليهالسلام : « الزعيم غارم » (٨) ، وعموم ( وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ) (٩).
وأجيب عن حجة المانعين بعدم انحصار الفائدة في التأجيل ، بل في تفاوت الغرماء بحسن القضاء والتقاضي.
__________________
(٨) تقدم ص ١٩٤.
(٩) يوسف : ٧٢.