وان كان العوض أقل من قيمة العين فقد رضي المالك به عوضا عن عينه فليس له أزيد منه.
فان قيل : إذا كان العوض غير مقدر تخير المتهب بدفع ما شاء ، وان قل ، نص عليه المصنف والعلامة مع بقاء الدين ، فكيف يتحتم مع التلف قيمة المثل؟
قلنا : الجواب : الفرق بين الصورتين حاصل ، فان في صورة بقاء العين إذا دفع ما شاء يتخير المالك بين قبوله وبين استرجاع العين إذا كان أقل من القيمة ، فإذا اختار القبول فقد رضي بترك الزائد مع قدرته على أخذه باسترجاع العين ، أما في صورة تلف العين فقد تعذر الاسترجاع فتتعين القيمة ، لأنه قبضها على انها مضمونة عليه ، وضمان القيمي بقيمته ، فهذا فرق بين الصورتين.
قال رحمهالله : إذا وهب في مرضه المخوف فبرأ صحت الهبة ، وان مات في مرضه ولم يجز الورثة اعتبرت من الثلث على الأظهر.
أقول : منجزات المريض تلزم مع البرء إجماعا ، فإذا مات في ذلك المرض اختلف في خروجها من الثلث أو الأصل ، وسيأتي البحث في تحقيق ذلك إنشاء الله تعالى في باب الوصية.
فرع : حكم الهدية حكم الهبة ، والمشهور افتقارها إلى الإيجاب والقبول والقبض كالهبة ، ومن دون الإيجاب والقبول نطقا يباح للمهدي إليه التصرف فيها مع بقائها على ملك المهدي ، فلو كانت جارية لم يجز له وطؤها ، لأن الاستمتاع لا يحل بالإباحة ، فمن أراد تمليك المهدى اليه وكل رسوله في الإيجاب والإقباض ، ويحتمل عدم الحاجة الى الإيجاب والقبول نطقا ، ويكفي الفعل الدال عليها ، لأن الهدايا كانت تحمل الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم ينقل انه راعى العقد ، وكان يتصرف فيها تصرف المالك ، وعلى هذا الناس في سائر الأمصار والأعصار ، وهذا الاحتمال ظاهر العلامة في التحرير.