الثالث : لو قلنا بعدم البطلان ومنعنا من المطالبة قبل القبض ، هل له إلزام البائع بالقبض من المحال عليه ليقبض المشتري من البائع؟ يحتمل ذلك ؛ لأنه إذا ردّ المشتري المبيع ومنعناه من مطالبة المحال عليه ـ لانتقال ما كان له عليه إلى البائع ، ومنعناه من مطالبة البائع لعدم القبض من المحال عليه ، ولم يوجب على البائع القبض من المحال عليه ـ ليرجع المشتري عليه لأدى ذلك الى بطلان حق المشتري ، وهو غير جائز ، ويحتمل العدم ؛ لأنه ليس للإنسان أن يجبر غيره على قبض حق نفسه ، والتقدير ان الحق صار للبائع فلا يجبر على قبضه.
الرابع : على القول بالبطلان ، فان كان البائع قبض ما أحاله المشتري به رده على المشتري ، ولا يرده على المحال عليه ويتعين حق المشتري في المقبوض ؛ لأنا تبيّنا بقاءه على ملك المشتري وعدم استحقاق البائع له ، لبطلان البيع فإن تلف في يده كان مضمونا عليه ؛ لأنه قبضه لنفسه ، ولو لم يقبضه لم يجز قبضه ، ورجع المشتري على المحال عليه.
قال رحمهالله : أما لو أحال البائع أجنبيا بالثمن على المشتري ، ثمَّ فسخ المشتري بالعيب السابق أو بأمر حادث ، لم تبطل الحوالة ؛ لأنها تعلقت بغير المتبايعين ، أما لو ثبت بطلان البيع ، بطلت الحوالة في الموضعين.
أقول : هنا مسألتان :
الأولى : فيما إذا أحال البائع ثالثا بالثمن ، وقد جزم المصنف بعدم بطلان الحوالة ، وهو مذهب الشيخ رحمهالله ، وادعى عليه الإجماع ، لتعلق حق الغير بالثمن ، ويحتمل البطلان ؛ لأن استحقاق المحال فرع على استحقاق المحيل ، وقد بطل الأصل ، فيبطل الفرع.
الثانية : فيما إذا ظهر فساد البيع من أصله ، فهنا تبطل الحوالة في الموضعين ، موضع أحاله المشتري للبائع بالثمن ، وموضع أحاله البائع للأجنبي لظهور فساد