الإجارة تمليك المنافع بعوض ، والبيع موضوع لنقل الأعيان والمنافع ، فلا مانع من استعماله في نقل المنافع منفردة عن الأعيان ، ومن أنه لفظ موضوع لنقل الأعيان ، والمنافع تبعا لها ، فلا يجوز استعماله في نقل المنافع خاصة ، لأصالة بقاء الملك على مالكه ما لم يعلم السبب الناقل ، والعقود متلقاة من الشرع ، فيجب الاقتصار على مورد الاذن فيها ، وهو المعتمد.
قال رحمهالله : وهل تبطل بالموت؟ المشهور بين الأصحاب نعم ، وقيل : لا تبطل بموت المؤجر ، وتبطل بموت المستأجر ، وقال آخرون : لا تبطل تموت أحدهما ، وهو الأشبه.
أقول : الإجارة من العقود اللازمة التي لا تبطل إلا بالتقايل (١) ، أو بأحد الأسباب الموجبة للفسخ ، كتجدد العيب المانع من الانتفاع كغرق الأرض وانهدام الدار وما شابه ذلك ، ولا تبطل بالبيع ، بل يتخير المشتري مع عدم العلم ، ولا تبطل بالعذر ، كما لو اكترى جملا للحج ثمَّ بدا له أو مرض ولم يخرج ، لم يكن له فسخ الإجارة ، وكذا لو استأجر دكانا للتجارة ثمَّ تلف قماشه فليس له فسخ الإجارة ، وكذا لو أجر جمله للحج ثمَّ بدا للمؤجر ، أو أجر دكانه أو داره وأراد السفر ثمَّ بدا له عن السفر ، لم يكن له فسخ الإجارة في هذه المواضع وما شاكلها. وقال أبو حنيفة : يفسخ بمثل هذه الاعذار.
ولو حصل الخوف في الطريق كان لكل من المؤجر والمستأجر الفسخ حذرا من التغرير ، سواء كان الخوف على النفس أو المال لوجوب حفظهما ، وعدم جواز التغرير فيهما.
وهل الموت موجب للفسخ؟ اختلف الأصحاب في الموت على ثلاثة أقوال :
__________________
(١) في « ر ٢ » : إلا بالموت أو التقابل.