أقول : هنا مسألتان :
الأولى : في تصرف الراهن في الرهن ، ولا شك في المنع منه بغير اذن المرتهن إذا كان التصرف ناقلا للملك كالبيع والهبة ، أو ينقص به المال كالوطء المفضي إلى الاحبال الموجب لنقص المالية ، وأما ما ليس كذلك كتأبير النخل ، وختان العبد ومداواته ، ورم المستهدم من الدار ، وزرع الأرض ، وحلب الدابة وما شاكل ذلك فلا يمنع منه.
إذا عرفت هذا فان عقوده الناقلة كالبيع والهبة تصح مع اجازة المرتهن ، وهل عتقه يصح مع الإجازة؟ تردد المصنف في ذلك من ان العتق لا يقع موقوفا ولا يقبل التعليق فيقع باطلا ، لاشتراط التنجيز فيه ، ومن ان العتق مبني على التغليب ، ولهذا يسري في ملك غيره ، فيقع صحيحا ويكون مراعى ، والإجازة كاشفة ، فإن أجاز المرتهن تبينا وقوع العتق من حينه ، وان رد تبينا بطلانه من رأس ، وهذا هو المعتمد ، وهو مذهب الشيخ في النهاية والمصنف والعلامة ، والمنع قول الشيخ في المبسوط.
فرع : لو انتفت الإجارة والرد ثمَّ افتك الرهن لزمت العقود ، لعدم وقوعها باطلة ، وهي لازمة من جهة الراهن ، وقد زال المانع فتلزم.
الثانية : في تصرف المرتهن ، وهو ممنوع من جميع التصرفات مطلقا بغير إذن إلا مع افتقار الرهن الى التصرف فيه ، وحصول الضرر عليه مع عدم التصرف ، فهذا النوع من التصرف جائز بغير اذن المالك ، وهل يقف عتقه على اجازة المالك؟ تردد المصنف في ذلك ، من حصول الإجازة من المالك وهي تقتضي صحة العتق (١١) ، ومن ان العتق لا يكون إلا في ملك (١٢) ، والمرتهن غير
__________________
(١١) في « ر ٢ » : العقد.
(١٢) الوسائل ، كتاب العتق ، باب ٥ من أبواب العتق.