خالف أثم وكان بيعه صحيحا ، وينبغي أن يتركه في المستقبل ، هذا إذا كان ما معهم يحتاج أهل الحضر إليه ، وفي فقده إضرار لهم ، فأمّا إذا لم يكن لهم حاجة ماسة ، فلا بأس أن يبيع له. هذا آخر كلامه رحمهالله.
قيّد النهي بحاجة أهل البلد الى ما عند البدوي. ومنع في الخلاف ، سواء كان في الناس حاجة أو لم يكن. وابن حمزة قيده في البدو دون الحضر (٤٦).
ولابن إدريس هنا كلام طويل تركنا إيراده حذرا من أن يطول الكتاب.
والمعتمد ما قاله المصنف ، ولا فرق بين الحضر والسفر ، ولا بين أن يكون في الناس حاجة أو لم يكن ، لعموم النهي.
قال رحمهالله : ولا يثبت للبائع خيار ، إلا أن يثبت الغبن الفاحش ، والخيار فيه على الفور مع القدرة ، وقيل : لا يسقط إلا بالإسقاط وهو الأشبه ، وكذا حكم النجش ، وهو أن يزيد لزيادة من واطأه البائع.
أقول : هنا مسألتان :
الأولى : في تلقي الركبان ، وجزم المصنف هنا بالكراهية ، وصحة البيع ولزومه إلا مع الغبن ، فيثبت الخيار على الفور. وقيل : لا يسقط إلا بالإسقاط لثبوته بظهور الغبن ، والأصل بقاؤه ما لم يسقطه مستحقه. والأول هو المعتمد ، لأن ثبوت الخيار على خلاف الأصل ، لأن الأصل في العقود اللزوم ، فإذا ثبت الخيار بالغبن دفعا للضرر المنفي ، ثبت على الفور ، لحصول الاتفاق على جواز الخيار حالة العلم بالغبن ، فيقتصر عليه ، لأن جوازه بعد ذلك مشكوك فيه ، فلا يرجع عن الأصل المتيقن إلا إلى متيقن مثله ، لا إلى ما هو مشكوك فيه.
وقال ابن إدريس : التلقي محرم ، والبيع صحيح ، ويتخير البائع.
وقال ابن الجنيد : يمضي بيع من يلقى الركبان خارجا عن المصر بأربعة
__________________
(٤٦) في « ي ١ » : البدوي دون الحضري.