الصحة ، ولعدم إسقاطه (٣٥) لحق المجني عليه ، فلا مانع منه. وإذا باعه كان مراعى ، فإن قتل أو استرق بطل البيع ، وإن عفى الولي أو صالح على مال التزمه (٣٦) المالك لزم البيع.
الموضع الثاني : في جواز عتق العبد الجاني ، وقد اختلف الفقهاء في ذلك.
قال الشيخ في المبسوط : الذي يقتضيه مذهبنا أن الجنابة إن كانت عمدا نفذ العتق ؛ لأن حق المجني عليه من القود لا يبطل بصيرورته حرا ، وإن كانت خطأ لم ينقض ؛ لأنها تعلقت برقبته ، والعتق يمنع الاسترقاق. وقال في النهاية بجواز عتقه إذا كانت خطأ ، ويلزم المعتق الدية ؛ لأنه عاقلة العبد. وابن إدريس قوّى مذهب المبسوط.
وقال العلامة في المختلف : المعتمد أن يقول : إن كانت عمدا لم يصح عتقه إلا أن يجيز أولياء المقتول ، وإن كانت خطأ وكان موسرا جاز ، وإلا فلا.
وفي القواعد أجاز العتق إن كانت خطأ بشرطين : إما دفع الدية قبل العتق ، أو يضمنها ويرضى الولي بالضمان لا بدونهما. وهو يدل على عدم جواز عتقه في العمد والخطأ معا ؛ لأن مع حصول أحد الشرطين لا كلام في صحة العتق ؛ لزوال تعلق الجناية برقبة العبد ، أما مع أداء المال فظاهر. وأما مع الضمان فلأن الضمان مع رضي الولي ناقل للأرش من رقبة العبد إلى ذمة المولى ، فلا كلام في جواز العتق بعد أحد هذين الشرطين. وهذا هو المعتمد.
أما عدم جوازه في العمد ؛ لأنه يؤدي إلى إسقاط حق المجني عليه ؛ لأنه مخيّر بين قتله وبيعه واسترقاقه ، والعتق يمنع من البيع والاسترقاق ، وكل تصرف يمنع حق الغير فهو باطل.
__________________
(٣٥) هامش « ر ٢ » : استحقاقه.
(٣٦) في « ن » و« ر ١ » : ألزمه.