أثر الملك بالتصرف ، فيقوى وجود السبب وكان تاما ، وإذا ملك ملكا تاما افتقر في خروجه عنه الى سبب ، والرجوع هنا ليس سببا لاستقرار الملك بالتصرف ، ولهم عليه روايات (٣).
واستدل المجوزون برواية محمد بن مسلم المتقدمة (٤) في مسألة ذوي الأرحام ، وإطلاق التصرف أعم من ان يكون مخرجا للعين عن الملك كالبيع والهبة ، أو لا يكون مخرجا كالرهن والكتابة ، وسواء غير صفته كقصارة الثوب وعمل الخشب بابا أو سريرا ، أو لم يغير صفته كاستخدام العبد والوطئ ولبس الثوب ، وبالجملة كل تصرف يفتقر الى الملك واذن المالك فإنه مانع من الرجوع على إطلاق الشيخ وابن إدريس والعلامة في القواعد والمختلف والإرشاد ، وقسم ابن حمزة التصرف غير المخرج عن الملك الى ما يحصل معه تغيير الصفة ، كقصارة الثوب ونسج الغزل ، والى ما لا يحصل معه التغيير كالرهن والكتابة ، ومنع الرجوع في الأول ، وجوزه في الثاني.
تنبيه : انما تملك الهبة وتلزم بالقبض ان كانت لرحم ، وبالتصرف ان كانت لأجنبي إذا تمت بشروطها من الإيجاب والقبول والقبض ، فلو كانت معاطاة من غير عقد لم يحصل الملك ، بل يباح التصرف ، وللمالك الرجوع ما دامت العين باقية سواء كانت لرحم أو لأجنبي ، فلو نقلها الى غيره بعقد لازم أو أتلفها سقط الرجوع ، وقد أشار العلامة في القواعد الى ذلك ، قال : ولا يكفي المعاطاة ولا الأفعال الدالة على الإيجاب ، نعم يباح التصرف.
قال رحمهالله : ويكره الرجوع فيما تهبه الزوجة لزوجها والزوج لزوجته ، وقيل : يجري مجرى ذوي الرحم ، والأول أشبه.
__________________
(٣) الوسائل ، كتاب الهبات ، باب ٨ في أحكام الهبات ، حديث ١.
(٤) ص ٣٩٩.