مقامين : الأول : هل نفقة العامل في السفر للتجارة على مال القراض أو على نفسه؟ ثمَّ ذكر قولي الشيخ رحمهالله ، ثمَّ قال : المقام الثاني : على القول بوجوب النفقة على مال القراض ، هل يستحق كمال النفقة ، أو ما زاد بسبب السفر؟
اختار والدي المصنف الأول ، جعل الاحتمال عائدا إلى الأول ، وهو انسب ، وعليه دلت عبارة التحرير ، لأنه قال فيه : وعلى ما اخترناه هل يأخذ كمال النفقة من مال القراض أو الزائد على نفقة الحضر؟ الأقرب الأول ، وقوى الشيخ الثاني على تقدير القول بالنفقة. هذا كلامه في التحرير ، وهو موافق لاختيار فخر الدين وهو أنسب الى الأصل ، وكلام عميد الدين أنسب إلى متن القواعد.
تنبيه : المراد بالنفقة نفقة أمثاله من المأكول أو المشروب والملبوس والمركوب ، من غير إسراف ولا تقتير ، فلو أسرف حسب عليه ، ولو قتر لم يحسب له.
والمراد بالسفر هو السفر العرفي سواء أوجب القصر أو لم يوجب كما لو وصل ملكا استوطنه ستة أشهر ، أو نوى الإقامة عشرا وهو مشغول بالبيع والشراء ، أما لو انقضى بيعه وشراؤه لم يتأخر الرجوع الى بلده لعارض فان نفقته تكون على نفسه والا لزم تضرر المالك لاحتمال طول المدة بسبب العارض بحيث يستغرق جميع المال بالنفقة.
فرع : إذا رجع الى بلده سقطت النفقة عن مال القراض ، فلو بقي عليه ثياب من مال القراض لها قيمة ردت الى مال القراض ، وله ان يأخذ نفقة كل يوم من مال القراض ثمَّ ينفق من غيره ويستقر ملكه على ذلك ، كما لو دفع الى زوجته نفقة فقبضتها وأنفقت من غيرها ، لأنه يستحق النفقة في هذا المال ، فله أخذها ولا يتعين عليه الإنفاق ، بل له ان ينفق من غيرها ، ويملك ما أخذه كالزوجة.