منهما ، فان رجع على الأول رجع الأول على الثاني مع علمه ؛ لأن التلف حصل في يده ، وان رجع على الثاني رجع على الأول مع جهله ؛ لأنه غرّه.
قال رحمهالله : إذا تلف مال القراض أو بعضه ، بعد دورانه في التجارة ، أحتسب التالف من الربح ، وكذا لو تلف قبل ذلك ، وفي هذا تردد.
أقول : إذا تلف بعد دورانه في التجارة كان التالف محسوبا من الربح إجماعا ؛ لأن الربح وقاية لرأس المال فان قيل اما مع تلف البعض فإنه يقتدر أنه يبقى ربح يجبر به رأس المال ، فمع تلف الجميع كيف يتقدر ذلك؟!
فانا نقول : يتقدر ذلك كما لو ظهر في مال القراض ربح ثمَّ تلف مقدار رأس المال وبقي مقدار الربح ، فان ذلك الربح يصير رأس المال ، والتالف هو الربح.
أما إذا تلف رأس المال أو بعضه قبل دورانه في التجارة ، أي قبل ان يشتري به ما لا للقراض ، فقد تردد المصنف في انه هل يحسب ذلك من الربح أم لا؟ ومنشأ التردد من ان عقد القراض اقتضى ان لا يكون للعامل شيء من الربح إلا بعد رأس المال ، فيجب أن يكون التالف محسوبا من الربح ؛ لأن العامل دخل على ذلك.
ومن ان المال إذا تلف قبل دورانه في التجارة يكون قد تلف عين رأس المال ، وإذا تلف عين رأس المال انفسخ القراض فيه ، فلا يكون محسوبا من الربح ويتقدر ذلك كما لو اذن له بالشراء في الذمة فاشترى كذلك ثمَّ تلف المال قبل دفعه الى البائع ، فهنا يجب على رب المال ان يدفع اليه الثمن ثانيا ؛ لأن الشراء وقع له بإذنه كالوكيل ، فيجب عليه نقد ثمنه.
فعلى الأول يكون الجميع رأس المال ، وعلى الثاني يكون رأس المال هو الأول.
واعلم ان الأصحاب اختلفوا هنا ، قال الشيخ في المبسوط : إذا دفع إليه ألفا