أقول : إذا قارض العامل غيره بغير اذن المالك بطل القراض الثاني ؛ لأن المالك لم يرض بنظر غير العامل ، فان عمل الثاني ولم يربح شيئا أخذ المالك المال ولا بحث.
وان ربح شيئا ، فقد ذكر المصنف فيه ثلاثة أقوال ، والثلاثة ذكرها الشيخ رحمهالله :
الأول : ان نصف الربح للمالك والنصف الآخر للعامل الأول ، وعليه أجرة الثاني ، ووجهه ان المالك دخل على ان يكون له نصف الربح فلا يستحق أكثر من ذلك ، والعامل الثاني اشترى للأول ، فكان الربح له وعليه للثاني أجرة عمله ؛ لأنه بذل منفعة على عوض ولم يسلم له العوض فكان له الأجرة.
الثاني : ان النصف الآخر للمالك أيضا ؛ لأن العامل الأول لا مال له ولا عمل ، فلا يستحق شيئا والثاني تصرف تصرفا غير مأذون فيه ، فلا يستحق شيئا أيضا ، فيكون الجميع للمالك.
الثالث : النصف بين العاملين ، ويرجع الثاني على الأول بنصف أجرته ، ووجهه ان الثاني دخل على ما رزق الله من ربح فهو بينهما ، والذي رزق الله هو هذا النصف ، ووجه رجوع الثاني على الأول بنصف أجرته ؛ لأنه بذل منفعة تقابل نصف الجميع ولم يحصل له غير النصف فيرجع بأجرة النصف.
والمعتمد ان نقول : لا يخلو اما ان يشتري بعين المال أو في الذمة ، فإن كان الأول ، فلا يخلو اما ان يكون الثاني عالما بالفساد أو لم يكن ، فان كان عالما كان العقد عقد فضول للمالك اجازته وفسخه ، ولا أجرة لعدم الغرر ، وان كان جاهلا كان له الأجرة على العامل الأول ؛ لأنه غرّه ، وان كان الشراء في الذمة كان الربح كله للعامل الثاني ؛ لأنه اشترى في ذمته فيكون الملك له ، الا ان يذكر القراض في العقد فيكون له النصف ، وللمالك النصف فان تلف المال رجع المالك على من شاء