وهذه العبارة لا تخلو من إبهام وغموض ، وسبب الإبهام قوله : ( حجر عليه للفلس قبل الأداء ) ، ثمَّ قال : ( رجع على الموسر بما أدّى ويضرب الموسر مع الغرماء ) ، فاذا كان الحجر قبل الأداء فكيف يرجع بما أدّى وهو لم يؤد شيئا؟! وبيان ذلك أن نقول إذا شرط الضمان من مال بعينه ثمَّ حجر على ذلك الضامن للفلس اختص المضمون له بذلك المال دون سائر الغرماء ، لأن الضمان حينئذ إما ان يتعلق بذلك المال تعلق الدين بالرهن ، أو تعلق الأرش برقبة الجاني ، وكلاهما يوجب التخصيص ، فاذا اختص المضمون له بهذه العين رجع الضامن بقيمتها على المضمون عنه وتعلقت بها حقوق الغرماء ، ثمَّ يضرب الموسر بما أداه عن المفلس مع الغرماء ، ولا يجوز له ان يقاصصه للمفلس بقيمة تلك العين التي دفعها عنه ، لعدم تشخيص ما يستحقه في ذمة المفلس ، فهو شريك للغرماء في قيمة العين وغيرها ، فليس لهما التساقط وان اتفقا عليه لتعلق حقوق الغرماء بما يستحقه في ذمة الموسر.
قال رحمهالله : وكمال السبق والرماية ، على تردد.
أقول : اعلم ان الحقوق على أربعة أقسام :
الأول : حق لازم مستقر كالثمن بعد قبض المبيع ، ولزوم العقد والأجرة بعد العمل ، وهذا لا شك في جواز ضمانه.
الثاني : حق لازم ، ولكن غير مستقر كالثمن بعد قبضه وقبل انقضاء مدة الخيار كالمهر قبل الدخول ، وكالأجرة قبل العمل ، وهذا يجوز ضمانه أيضا وان جاز أن تسقط ، إذ جواز السقوط غير مانع من صحة الضمان ، وإلا لكان مانعا في المستقر أيضا ، لجواز سقوطه بالإبراء أو الرد بالعيب وغير ذلك.
الثالث : حق غير لازم ، ولا يئول الى اللزوم عند بعضهم ، كمال الكتابة ، وهذا لا يجوز ضمانه عند من قال انه غير لازم للعبد ، ويجوز ضمانه عند من قال