قال : يكون للعمر مدة حياته ولورثته بعده ، ومنهم من قال : يكون له مدة حياته ، فاذا مات رجعت الى المعمر أو ورثته ان كان مات ، ثمَّ قال : وهذا هو الصحيح على مذهبنا. هذا قوله رحمهالله في المبسوط ، ولم أجد في هذه المسألة خلافا لأصحابنا ، والخلاف الذي ذكره رحمهالله للجمهور ، ذكره شارح مختصر الشافعي.
قال رحمهالله : ولو قال أعمرتك هذه الدار لك ولعقبك ، كان عمرى ولم تنتقل الى المعمر ، وكان كما لو لم يذكر العقب.
أقول : إذا قال : ( أعمرتك هذه الدار لك ولعقبك ) ، هل يرجع الى المالك بعد انقراض العقب أو يصير ملكا للمعمر ولا يرجع الى المالك الأول؟ المشهور رجوعها الى المالك بعد انقراض المعمر وعقبه ، لأصالة بقاء الملك على مالكه ، وظاهر الشيخ في المبسوط وابن البراج في المهذب ان المعمر يملكها ولا يرجع الى المالك ، لأنه أعطى إعطاء يجري فيه الإرث ، وانما يورث المملوك ، ولما رواه جابر : « ان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : أيّما رجل عمر عمرى له ولعقبه ، فإنما هي للذي يعطاها ، ولا يرجع الى الذي أعطاها ، فإنه أعطاها إعطاء وقعت فيه المواريث » (٣٨).
قال رحمهالله : ولا تبطل بالبيع ، بل يجب أن يوفى للمعمر ما شرط له.
أقول : هذه العبارة تقتضي جواز البيع مطلقا سواء كان مقرونا بالمدة أو بالعمر ، ولا خلاف في جواز البيع إذا كان الإسكان مقرونا بالمدة ، وكذلك الحبس إذا كان الى مدة معلومة ، ومع عدم العلم يتخير المشتري ، اما إذا كان الحبس أو الإسكان مقرونا (٣٩) بالعمر ، هل يجوز بيعه أم لا؟ قال ابن الجنيد بالجواز ، وهو
__________________
(٣٨) صحيح مسلم ٢ : ٦٤ ، كتاب الهبات ، باب ٤ حديث ٢٢ مع اختلاف في المتن.
(٣٩) من « ن » و« ر ٢ » وفي الباقي : غير مقرون.