ما يدعيه ، ولقبولها بالثاني من غير بينة مع اليمين ، وقد أشرنا الى ذلك فيما مضى.
الثالث : إذا اعترف بالوديعة ثمَّ ادعى الرد ، قال المصنف فالقول قوله ، وللمالك إحلافه على الأشبه ، وظاهر قوله : ( على الأشبه ) عائد إلى احتمال عدم إحلافه ، وليس كذلك ، لأنه لا خلاف في إيجاب اليمين عليه على القول بأن القول قوله ، بل عائد إلى قوله : ( فالقول قوله على الأشبه وللمالك إحلافه ).
إذا عرفت هذا : فالقول بأن القول قوله هو المشهور بين الأصحاب ، وعليه فتوى الجميع وان استشكله بعضهم بعد الفتوى ، لاحتمال ان يكون القول قول المالك ، لأنه منكر ، وقد قال عليهالسلام : « البينة على المدعي واليمين على من أنكر » (٤) ، ولم أجد قائلا بهذا الاحتمال ، بل الفتاوي متطابقة على ان القول قول الودعي ، لأنه أمين قبض المال لمصلحة المالك ، فيكون قوله مقبولا بالرد ، وهو المعتمد.
تنبيه : انما يقبل قوله بالرد على من ائتمنه خاصة ، أما لو مات المالك فادعى الودعي الرد على وارثه لم يقبل إلا بالبينة ، لأنه غير أمين للوارث ، وكذا لو مات الودعي فادعى وارثه الرد على المالك ، لأنه لم يكن أمينا للمالك ، ولو أراد السفر فأودعها ثقة لتعذر المالك والوكيل والحاكم ، فادعى الثقة ردها على المالك لم يقبل إلا ببينة لما قلناه ، ولو ادعى ردها الى المستودع الأول ، قبل قوله مع اليمين ، لأنه ادعى على من ائتمنه ، ولو ادعى من طير الريح ثوبا الى داره رده الى مالكه لم يقبل إلا بالبينة ، لأنه لم يكن أمينا له باختياره.
ولو قال المالك : ( إذا سافرت أو دعها فلانا ) ، فأودعه ، فادعى الرد على المالك قبل قوله مع اليمين ، لأنه ادعى الرد الى من ائتمنه ، ولو ادعى دفعها الى المستودع الأول لم تقبل إلا بالبينة ، لأنه لم يكن أمينا له ، بل هو أمين للمالك.
__________________
(٤) تقدم ص ٢٨٩.