وكيف كان ؛ في هذا القسم الاستصحاب لا مجرى له ، كما لو فرضنا أن يكون المقام من هذا القبيل بأن اعتبر ركوع المأموم حال ركوع الإمام ، أو يتحقّق ركوعه قبل أن يرفع رأسه ، فهنا ترتّب الأثر لمّا كان يتوقّف على إحراز العنوان المأخوذ في الدليل والأصل ـ أي استصحاب بقاء ركوع الإمام ـ لا يحرز ذلك ؛ لكونه أمرا عقليّا إلّا بناء على المثبت ، فلذلك الأصل لا سبيل إليه إلّا أن يجعل العنوان المأخوذ كناية عن الاجتماع في الوجود ، ولا يكون له خصوصيّة ، ويدخل في القسم الأوّل ، وعلى هذا ، يمكن إدراك المسألة في معلوم التأريخ ومجهوله.
توضيح ذلك : أنّه إذا فرضنا أن يكون وقت ركوع الإمام معلوما بأنّه في الثانية الفلانيّة ؛ فحينئذ إذا شكّ المأموم في تحقّق ركوع نفسه قبل رفع الإمام رأسه من الركوع ، فلمّا كان هو معلوما حاله ولا مجرى للأصل فيه والطرف الآخر مشكوك من حيث لحوق المأموم به وعدمه ، فالأصل يجري فيه ويحكم بعدم الإدراك لأصالة عدم تحقّق ركوع المأموم قبل رفع الإمام رأسه.
ولو كان الأمر بالعكس فالحكم كذلك ، بأن كان زمان ركوع نفسه معلوما وركوع الإمام مجهولا ، فهنا بأصالة بقاء ركوع الإمام يحكم باللحوق وإدراك المأموم ركوعه ، ولو كان زمان كليهما مجهولا فيتعارض الأصلان ، أو لا يجريان رأسا ، على الخلاف في المسألة.
ولكن كلّ ذلك بناء على إلغاء خصوصيّة القبليّة ونحوها من العنوان المأخوذ في الدليل وجعله كناية عن الاجتماع في الوجود فقط ، وإلّا فهذا التفصيل أيضا لا يثمر شيئا ، إذ بالأصل على كلّ حال لا يثبت العنوان وهو القبليّة ، كما لا يخفى.