أنّ المتابعة ولو كان استمرار تركها مستندا إلى الاختيار والعمد ، فحينئذ بناء على الالتزام بالبطلان الفرق بين الصورتين لا مجال له ، كما هو واضح.
نعم ؛ قد يقال : إنّ الوجه في بطلان الصلاة في الصورة المذكورة إنّما هو لفوات الترتيب تعمّدا نظرا إلى أنّه لا إشكال في أنّ محلّ الركوع بعد القراءة ، فلو قدّمه عليها تبطل الصلاة ، فهكذا بالنسبة إلى ما هو بدل القراءة فيعتبر فيها الترتيب أيضا ، ولمّا كان قراءة الإمام بدلا عن قراءة المأموم فلا يجوز له تقديم ركوعه على قراءته أيضا ؛ لاقتضاء التنزيل ذلك ، وإلّا تبطل الصلاة ، كما لو أتى به قبل أن يتمّ قراءة نفسه في صورة الانفراد.
هذا غاية ما يمكن أن يكون مدركا للفتوى المذكورة ، ولكنّه بناء على تماميّته مختصّ بما لو تعمّد في التقدّم من أوّل الأمر لا في الصورة الاولى ، وهو ما لو كان حدوث التقدّم سهويّا ، ولكن كان بقاؤه عمديّا ، حيث إنّ المفروض أنّ فوات الترتيب حينئذ وقع من غير اختيار ، ووجوب العود إنّما هو للمتابعة لا لحفظ الترتيب ، وقد عرفت أنّ تركها لا يوجب إلّا الإثم ، فالاحتياط في هذه الصورة ليس له وجه أصلا ، مضافا إلى عدم تماميّته في حدّ نفسه.
وذلك ؛ لأنّ هذا الوجه مبنيّ على مقدّمات ثلاثة ، واثنتان منها ـ وهما وجوب الترتيب بين القراءة والركوع ، وكون قراءة الإمام بمنزلة قراءة المأموم ـ وإن كانتا تامّتين ، ولكن الإشكال في الثالثة ، وهي لزوم الترتيب بين ما هو بدل القراءة والركوع أيضا ، ومجال منعها واسع ؛ لأنّ غاية ما يقتضيه دليل التنزيل أنّ قراءة الإمام تجزي عن قراءة المأموم وأنّها بدل عن قراءته ، وأمّا أنّها منزّلة منزلتها في جميع الجهات حتّى في لزوم الترتيب بينهما فليس له عموم بهذه