الوقف بالانتقال إلى الموقوف عليه فيكون باطلا.
أمّا الثالث ؛ فلأنّه الجمع بين الدليلين غايته أنّ جهة التأبيد في مثل هذا الوقف مفقودة ، فيصير من قبيل الوقف الّذي لا يستعدّ في حدّ نفسه إلّا للبقاء مدّة لا أبدا ، فلمّا كان الأمر دائرا بين رفع اليد عن أصل أحد دليلي الوقف والعتق أو هذا الشرط فالثاني متعيّن ، لما عرفت من أنّه بعد انقطاعه ليس من جهة شرط ونحوه حتّى ينافي حقيقة الوقف ، بل من قبيل الوقف الّذي في حدّ ذاته قاصر عن البقاء أبدا ، فلا يصير ذلك مانعا من وقوع الوقف أو العتق ، ولا أحدهما عن الآخر ، بعد أن عمل بمقتضى كلّ منهما.
وأمّا الثاني الّذي هو الحقّ ؛ فلأنّ الأمر لمّا كان دائرا بين التخصيص والتخصّص والثاني هو المتعيّن فتكون النتيجة ما قوّيناه ؛ لمكان أنّه لو قدّم الوقف عملا بعموم السلطنة ، ودليل «اوفوا» فلا يبقى حينئذ موضوع للانعتاق ؛ حيث إنّ ظاهر أدلّته هو انعتاق المملوك الطلق ـ أي الخالص ـ ولو قدّم دليل العتق يكون تخصيصا لأدلّة السلطنة وغيرها.
ولا ريب أنّ تخصيصه له يتوقّف على عدم جريان تلك الأدلّة ، فيستلزم الدور ، كما في كلّ ما دار الأمر بين التخصيص والتخصّص ، ومن ذلك ظهر ضعف الوجهين الآخرين ، أمّا الأوّل فواضح ؛ ضرورة أنّ عدم صحّة الوقف فرع وجود المانع ، وقد علمت عدم وجود شيء قابل للمنع عنه ، وهكذا الأخير حيث إنّ رفع اليد عن مقتضى عقد الوقف وهو التأبيد يتوقّف على قصوره في نفسه على التقريب المذكور وهو يتوقّف على حصول الانعتاق ، وعلى ما ذكرنا ليس له موضوع كما لا يخفى.