على إبقاء الوقف وصحّته هل اعمل تعبّد في المقام من جهة مصرف هنا أيضا كما في باب الوصيّة بأن يتعدّى منه إلى هنا أم لا ، بل حينئذ يعمل على مقتضى القواعد من رعاية ما هو الأقرب إلى غرض الواقف؟
والأقوى في الجهة الاولى ؛ ما عليه المشهور حيث أنّ مقتضى طبع الوقف الدوام ، ضرورة أنّ المالك حين وقفه يقطع نظره عن العين كليّا ويخرجه عن ملكه رأسا ، بحيث لا يرى لنفسه ولا لمن يتعقّبه بالنسبة إليها علاقة أصلا ، فحينئذ هذه الغلبة والظّهور تصير مرتّبة على كون ارتكازه من حيث المصرف الّذي يعيّنها هو تعدّد المطلوب ، وأنّه لو انقرض المصرف يصرف في غيره ، ولا يختصّ به حقّ يستلزم ذلك بطلانه عند الاندراس ورجوع العين إلى ملك وارثه مثلا.
فعلى هذا ؛ لا وجه للتفصيل بين ما هو القابل للدوام والبقاء عادة ، وما ليس قابلا له ، إذ ما يقتضيه طبع الوقف لا يفرّق فيه ، والقرينيّة جارية مطلقا.
ومن ذلك ظهر أنّ مقتضى القاعدة ـ حيث أحرزنا من الوقف ـ تعدّد المطلوب هو رعاية غرض الواقف في المصرف ، وأنّه لا بدّ من تقديم الأقرب فالأقرب ولا يجوز العدول المتباين ، كما يكون كذلك مسألة مطلق البرّ بالنسبة إلى الوقف على المسجد ونحوه ، فحينئذ عند اندراس المسجد المعيّن لا بدّ من صرف الوقف في مسجد آخر ، إن كان قريبا بالنسبة إلى المسجد الأوّل مكانا أو الجهات الاخر ، وإن لم يكن ففي مكان آخر ولو كان بعيدا عن الأوّل ، حيث أنّ ذلك وإن كان من مصاديق الخير إلّا أنّه لمّا يحتمل كون منظوره خصوص هذا الخير فلا بدّ من رعايته حتّى الإمكان ، إلّا أن يدّعى أنّ المستفاد من الروايات الّتي أشرنا إليها لمّا كانت الضابطة الكليّة من حيث إنّ الشارع تكفّل تعيين