فعلى هذا ، حال الوقف حال سائر المعاملات ، تجري فيه المعاطاة مطلقا كما ذهب إليه جمع (١).
وأمّا مقايسة المقام بباب النكاح كما يظهر من [صاحب] «جامع المقاصد» قدسسره (٢) فلا وجه له ، ضرورة أنّ في النكاح لا يجوز شرعا أصل الفعل الذي يقصد به العقد ، مثل القبلة والجماع ونحوهما ، بل بدون تحقّق النكاح في الرتبة السابقة حرام ولا سلطنة للشخص بالنسبة إليها ، والسبب إنّما يؤثّر إذا كان للفاعل عليه السلطنة ، فلذلك يفرق باب النكاح عن سائر المعاملات ، وهكذا ما يلحق بها من الإيقاعات كالطلاق.
الثالث : أن لا يقصد الواقف بالفعل الوقف بل يجعل إذنه طريقا إلى رضاه وقصده الوقف الاكتفاء بذلك ، والالتزام بوقوع الوقف في هذه الصورة مبنيّ على تحقّق المعاطاة بهذا المقدار وهو خلاف التحقيق ، حيث إنّها من الامور الإيقاعيّة والإنشائيّة ، فهي تحتاج إلى المبرز ولا تقع بصرف القصد ، فما يظهر من «المبسوط» (٣) ضعيف.
الرابع : أن يجعل صرف أمره بالدفن وإذنه في الصلاة كناية عن إيقاع الوقف فيصير بذلك عقدا لفظيّا لا معاطاتيّا ، والأقوى ؛ أيضا عدم الاكتفاء به ، وعدم وقوع الوقف حينئذ ، لأنّ المستفاد من معاقد إجماعاتهم في اعتبار اللفظ في العقود هو الألفاظ الصريحة لا غيرها.
__________________
(١) راجع! المكاسب : ٣ / ٩٥.
(٢) جامع المقاصد : ٩ / ١٢.
(٣) المبسوط : ٣ / ٢٩١.