الثالثة : (١) في حكم الدية الّتي تؤخذ للجناية على العبد الموقوف ، قد تقدّم الكلام في مسألة الأرش وأنّه لا بدّ وأن يلحق بالوقف ويصير جزء ، نظرا إلى كونه بدلا عن النقص الوارد على الوقف ، فهكذا حال الدية ، بل بالنسبة إليها يمكن دعوى الأولويّة من الجهة المذكورة ، إذ بدليّتها أظهر ، غايته أنّها بدل مقدّر شرعا ولا يختلف ، بخلاف الأرش.
فعلى هذا ؛ تقوم الدية مقام الوقف بنفسها بلا احتياج إلى وقف جديد ، بل لا بدّ وأن يشترى بها ما هو المماثل للوقف الأصلي ويجعل في محلّه.
هذا ؛ ولكنّه يتمّ بناء على عدم الاستظهار من أدلّة الدية أنّها جزاء نقدي وبدل عن نفس الجاني ، بل بدل عن المجنيّ عليه وأنّه أحد فردي التخيير بينه وبين القصاص ، وإلّا فيصير حالها حال القصاص ، والحقّ يختص بالموقوف عليهم الحاضرين ولا يتعدّى عنهم ، بل ينتقل إلى ورثتهم مع عدم استيفائهم ، وحينئذ يصير الأرش حكمه أظهر وأولى من الدية في صيرورته جزء للوقف ، عكس ما ينسب إلى جماعة أو المشهور ، والله العالم.
ثمّ إنّه إن لم يستوف الموجودون حقّهم وما أسقطوه بقي على حاله إلى أن انتهت النوبة إلى الطبقات اللاحقة ، فحينئذ مع بقاء الموضوع والعبد إلى عصرهم ، لكون الجناية عليه دون النفس ، فهل ينتقل الحقّ إلى ورثة الموجودين في وقت الجناية أو الطبقات اللاحقة تسقط رأسا؟ وجوه مبنيّة على أن يكون الموضوع والعنوان الثابت لهم الحقّ هو ذوات الموالي الطبقة الاولى لكونهم موالي ، ولازمه الانتقال إلى ورثتهم أو نفس عنوان المولى الموجود في وقت الجناية لازمه
__________________
(١) كذا ، والظاهر أنّها الجهة الرابعة.