فنقول بعونه تعالى : إنّ تنقيح البحث في ذلك ، وأنّه كيف يجوز الخروج عن حرمة بيع الوقف يقتضي ذكر مقدمة أوّلا وهي : أنّه أوّلا هل الأدلّة الدالّة على حرمة بيع الوقف تدلّ عليها مطلقا بمعنى أنّها تنفي جوازه ولو مع طروّ أيّ عنوان عليه من الخراب وغيره من العناوين ، أو ليست ناظرة إلى هذه الجهة ، بل غايتها أنّه لا يجوز بيع الوقف لعدم المقتضي فيه كما يكون في سائر الأملاك والأموال؟ ثمّ بناء على الأوّل ؛ أيّ مقدار من الدلالة لها هل تكون مطلقة أو مختصّة؟
فهذا أصل مبنى المسألة ، بحيث لو ثبت الأوّل ففي موارد الشكّ لا يجوز التمسّك بأدلّة الأسباب مثل عموم : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) لعدم كونها متكفّلة لبيان قابليّة المحلّ بل سقوطها عن صلاحيّة التمسّك بها مطلقا حتّى الثاني.
نعم ؛ عليه الظاهر أنّه لا بأس بالتمسّك بأدلّة المسبّبات مثل (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (٢) إذا فرضنا صدق البيع عرفا ، بل بإطلاق الدليل وعموم الإمضاء يمكن إحراز الصدق واستكشافه ، نعم ؛ على الأوّل لا مجال للتمسّك بهذه الأدلّة أيضا ، إذ عليه تصير ما دلّ على عدم جواز شراء البيع حاكما على أدلّة المسبّبات ، فلا طريق للإحراز.
ثم إنّ العناوين الطارئة الّتي يمكن صلاحيّتها لترخيص البيع لا تخلو من امور :
منها : مسألة الخراب وله مراتب ، فتارة يحصل الخراب بحيث يلحق الوقف بالمعدوم فعلا ويصدق عليه التلف مثل الحصر والجذوع البالية للمسجد وغيره.
__________________
(١) المائدة (٥) : ١.
(٢) البقرة (٢) : ٢٧٥.