حتّى يحتاج إلى أساس على حدة.
وبالجملة ؛ فهكذا كلّه بالنسبة إلى عالم التصوّر ، وأمّا تحقيق الأمر ؛ فلمّا كان مرجع النزاع في الحقيقة إلى أنّه نظر الواقف وارتكازه هل يكون مقصورا إلى حبس العين بشخصها ، أو هي وماليّتها ، بلا نظر إلى كونها مقدّمة للتسبيل أم لا ، بل يكون مركوزه حبس العين لأن يتسبّل ثمرتها ، وتكون مقدّمة لانتفاع الموقوف عليه عنها؟
ومن المعلوم وجدانا أنّ منظور الواقف هو الثاني ، فيتعيّن من كلّ من الاحتمالين ثانيهما ، أي ليس نظر الواقف مقصورا على العين فقط ، بل هي بما لها من الماليّة ، كما أنّ المتبادر منه أنّ الوقف إنّما يكون ما دامت العين قابلة للبقاء ، وأنّه في نفسه ليس فيه مقتضى القلب والانقلاب لا مطلقا ، أي ولو مع طروّ كلّ عنوان عليه.
ضرورة ؛ أنّ الثاني ينافي كون الوقف مقدّمة لتسبيل الثمرة حسبما هو الارتكاز ، بل مفاد الأدلّة (١) أيضا ، فعلى هذا يصير مفاد الأدلّة المانعة عن بيع الوقف حكما إمضائيّا : وبيانا لحقيقة الوقف ، كما هو ظاهر قول عليّ عليهالسلام في وقفه : «صدقة لا تباع ولا توهب» (٢) .. إلى آخره ، وأنّه بنوعه لا مقتضي فيه للبيع وغيره من أنواع النقل ، وأيضا ظاهره الإجراء على ما هو مرتكز الواقف من أنّه لا قلب وانقلاب فيه ما دام الوقف قابلا للبقاء ، وليس للأدلّة الشرعيّة أزيد من ذلك دلالة حتّى يعارض جواز بيعه عند طروّ العناوين المجوّزة له فتأمل!
__________________
(١) حيث تقول : حبّس الأصل وسبّل الثمرة ، «منه رحمهالله».
(٢) وسائل الشيعة : ١٩ / ١٨٧ الحديث ٢٤٤٠٨.