فالأوّل : مثل القرعة في تعيين المطلّقة ، وتعيين العين الموصى بها ، لتردّدها بين اثنتين أو أزيد ، كما لو أوصى بعتق ثلث عبيده أو عدد منهم.
والثاني : مثل ما ذكروا في تعيين ذي اليد فيما لو تنازعا في سقف البيت.
والثالث : مثل ما ذكروا من تعارض البيّنتين بعد عدم المرجّح من الأعدليّة والأكثريّة ، فلعلّ نظر القائل بالقرعة في مسألة التنازع في قدر الاجرة وأنّه من خرج اسمه حلف ، إلى أنّ قول كلّ منهما مخالف للأصل فلا بدّ من تعيين المنكر ، وفيه نظر.
والحاصل ؛ أنّ القضاء شرّع لإقامة المعروف ، فإنّه من أفراد الأمر بالمعروف ، ولدفع النزاع وانتظام العالم ، وذلك يتحقّق بإثبات المطلب والواقع إمّا واقعا أو تعبّدا وبحكم الشارع كالبيّنة والقرعة ، فتأمّل!
وإمّا أن تفصل الخصومة باليمين ، ولذلك عمل الأصحاب في بعض الموارد بما يقتضي رفع النزاع والخصومات ، وإن كان أمرا استحسانيّا كمسألة تخليد المدّعي للتلف في الحبس لو لم يقبل قوله في دعواه ، ومسألة الوديعة حيث حكم بقبول قول المدّعي للردّ ، لكون الوديعة مبنيّة على الإخفاء.
فلذا لو لم يشهد في الردّ [إلى] الوكيل في الوديعة لمال شخص عند آخر لم يضمن ، ولذا لو أنكرها من غير الودعي مع سؤال الودعيّ عنه لم يضمن ، مع أنّ الإنكار من أسباب الضمان لصيرورة المنكر بذلك خائنا (١).
__________________
(١) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٢١ / ٤٥٨.