ذلك تلاوة كلام الله المجيد والحجّ المندوب على أحد الوجهين ، ولا يجوز في مثل التلاوة النيابة ، لعدم قيام دليل على مشروعيّته وجواز التولّي في القراءة.
وأمّا صلاة ليلة الدفن وإن كان المكلّف بها جميع المسلمين سوى الوليّ ، لكن حيث شرّع ذلك بقصد الإهداء لا بقصد النيابة عن الوليّ ـ فافهم ـ جاز أخذ الاجرة من الوليّ لهذا الفعل المتقرّب به على نحو ما حقّقناه في صلاة الاستيجار.
وأمّا النذر فغير قابل للنيابة ، إذ الأثر وقصد القربة مترتّب على الفعل من حيث صدوره ، لا من حيث الانتساب كما في المعاملات ، فإنّ حقيقة البيع ـ مثلا ـ إدخال المبيع في ملك الغير بإزاء الثمن ، وهذا لا يشترط فيه صدور الإيجاب من المالك ، بل يكفي إنشاء الوكيل ولو لم يقصد النيابة ، بخلاف النذر ، فإنّه لا يمكن أن يقصد الوكيل تقرّب الموكّل بهذا اللفظ الّذي صدر منه ويحصل به تقرّب اللافظ.
وأمّا الظهار فلمّا كان معصية ـ وقد مرّ عدم جواز التوكيل في المعاصي ـ لكنّه حيث يكون هذا الفعل من الوكيل أيضا معصية ، وليس كذلك الظهار.
وأمّا حرمة الطلاق للحائض من الوكيل ، القول بوقوعه وإن أثم المطلّق ـ كما هو مذهب العامّة (١) ـ فلإيجاده هذا الفعل المحرّم وإعانته على الإثم.
وأمّا الظهار ؛ فلمّا لم يصحّ التوكيل فيه ولم يترتّب عليه أثره بالنسبة إلى الزوج لم يكن هذا الفعل من الوكيل محرّما ، فتأمّل!
ولكنّ التحقيق أنّه لو لا الإجماع على عدم جواز التوكيل فيه لأمكن المناقشة فيه ، والمناقضة بمثل طلاق الحائض على مذاهب العامّة حيث يقولون
__________________
(١) الأم : ٥ / ١٨١ ، المغني لابن قدامة : ٨ / ٢٣٧ و ٢٣٨ ، الشرح الكبير : ٨ / ٢٥٣ و ٢٥٤.