ثمّ إنّه لا فرق في وجوب كون صدور الأفعال مسبوقا بتعقّل داع ، بين ما يكون الداعي أمرا مباحا أو أمرا محرّما ، فالعاصي ليس بسفيه ، لأنّه يلاحظ في أفعاله غرضا ومصلحة يرتّب عليه أمثاله من العقلاء أفعالا ، ولو كانت المصلحة معصية أو كان نفس الفعل معصية كالزنا ، فإنّ المقصود منه استلذاذ النفس وإن كان محرّما على هذا الوجه لكنّه يترتّب على مثله من الأغراض النفسانيّة أفعال.
نعم ؛ لو كان البالغ في أوّل بلوغه صارفا ماله في الجهة المحرّمة ينكشف عن عدم الملكة ـ فتأمّل! ـ لو لم يكشف الملكة تغيّره ، ولو عرض للإنسان أحيانا حالة أوجبت صدور فعل عنه بغير قصد أو بغير داع كالمغضب بقسميه لهيجان سودائه وغلبته ، فهذا بالنسبة إلى الأفعال الصادرة منه في تلك الحالة محجور عليه مرفوع القلم [عنه] غير مترتّب عليها الأحكام الوضعيّة ، فلو طلّق أو ظاهر أو آلى ، بطل ، لكنّه لا يخرج عن حدود التكاليف.
فمعنى كمال العقل أن يكون قاصدا في أقواله وأفعاله مطلقا ، صادرة عنه لداع وغرض عقلائي رافعا عنه الحجر ، ممضيّ منه تلك الأفعال والأقوال وهو البالغ العاقل الرشيد.
فائدة
قالوا : ولا يضمن صاحب الحمّام الثياب (١).
أقول : توضيح المطلب يتوقّف على مقدّمتين :
الاولى : بما أن عدم كون ما في الحمام داخلا تحت يد الحمامي ما دام
__________________
(١) النهاية للشيخ الطوسي : ٤٤٩ ، السرائر : ٢ / ٤٧٠ ، المختصر النافع : ١٧٧ ، شرائع الإسلام : ٢ / ١٨٨.