ثمّ اعلم! أنّ حال النذر المتعلّق بالفعل أو النتيجة كحال الوصيّة في ما ذكر ، إلّا أنّه فيه إشكال من جهة اخرى ، وهو أنّه لا شبهة في أنّ التمليكات القصديّة الاختياريّة لا تتحقّق بدون القبول ، وإن كان التملّك القهري يقع بدونه ، كما في الإرث ، فعلى ذلك ؛ كيف يلتزم بتحقّق النذر المتعلّق بالتمليك المطلق؟ ولو كان غير محتاج إلى السبب الخاصّ إلّا أنّ تحقّق أصل التمليك موقوف على قبول المتملّك ، فلا بدّ في الحكم بصحّة النذر المفيد للتمليك إمّا بالالتزام باشتراط النذر المذكور وصحّته بالقبول ، أو عدم احتياج التملّك الاختياري إلى القبول ، ولا ريب أنّ كليهما مخالف للارتكاز والإجماع.
فمن ذلك ظهر أنّ الإشكال سار في باب الوصيّة التمليكيّة أيضا بناء على القول بعدم احتياجها إلى القبول ، وكونها من مقولة الإيقاع ، إلّا أنّ الّذي يسهّل الأمر فيها احتياجها إلى القبول إجماعا ، إمّا بعنوان الشرطيّة أو الجزئيّة ، وإن كانت الاولى أقوى ، لأنّ الظاهر كون الوصيّة من سنخ الإيقاعات لا العقود.
أقول : أوّلا في انقسام الوصيّة التمليكيّة إلى ما ذكر نظر ، وذلك لأنّ الوصيّة التمليكيّة على ما يستفاد من أدلّتها ، ويظهر من كلمات الأصحاب هي ما تفيد نقل الشيء بلا عوض ، فالمأخوذ في موضوعها هو التبرّع ، ولذلك جعل بعض الأساطين من جملة أجزاء تعريفها قيد التبرّع (١).
فعلى ذلك كيف يلتزم بإفادتها في بعض الموارد الانتقال مع العوض ، إلّا أن يرجع ذلك إلى أقسام الوصيّة العهديّة ، فيكون مرجعها إلى جعل الولاية للوصيّ على تبديل بعض أمواله بأحد عناوين المعاملات إلى شيء آخر.
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : ٢ / ٤٥٢ ط. ق ، جواهر الكلام : ٢٨ / ٢٤٢.