وأمّا الثالث ؛ وهو أنّ الأصحاب بنوا على أنّ استقرار الضمان إنّما يكون على من تلف المال في يده ، بمعنى أنّه لو رجع المالك إلى غيره ، للغير أن يرجع إلى من تلف المال في يده ويأخذ عنه بدل ما أعطاه للمالك ، بخلاف ما لو رجع المالك إلى من تلف في يده ، فليس له أن يرجع إلى غيره.
مع أنّ بعد التلف تستقرّ ذمم الجميع بالنسبة إلى البدل دفعة واحدة بلا تعاقب وترتّب بين الأيدي ، فأيّ ترجيح لليد المتلفة عند صاحب المال حتّى يقال : باستقرار الضمان عليه؟ والحال أنّ الكلّ متساوون بالنسبة إلى التعهّد واشتغال الذمّة ؛ لأنّ القضيّة التعليقيّة المتصوّرة ، على كلّ من الأيادي ، وهي : أنّه عين وضع اليد العادية على مال الغير.
قلنا بأنّه من آثار هذا اليد هو أنّه تتحقّق قضيّة ، وهي : أنّه لو تلفت العين تشتغل ذمّة ذي اليد على البدل ، وهذه القضيّة التعليقيّة الّتي انتزعت عن الآثار المترتّبة على كلّ واحد من الأيادي بعد التلف تتنجّز في آن واحد بالنسبة إلى جميعها ، بلا سبق لأحد من الأيادي على الاخرى ، فكيف الالتزام باستقرار الضمان على من تلف المال عنده؟
ولذلك منع بعض ـ كالسيّد المحشّي «المكاسب» على ما نقل (١) ـ عن ذلك رأسا ، وأنكر استقرار الضمان عليه ، وجعل من تلف المال عنده كغيره ، هذه ملخّص الإشكالات الثلاثة ، وقد تعرّض كلّ إلى دفعها بنحو سنشير إليه.
__________________
(١) لاحظ! حاشية المكاسب للسيّد كاظم اليزدي : ١ / ١٧٧.