أمّا الإشكال الأوّل ؛ فهو أنّه كيف يتصوّر للمال الواحد أبدال متعدّدة ، فتشتغل بكلّ واحد منها ذمّة مستقلّة ، مع أنّه ما خرج عن كيس المالك إلّا مال واحد ، وما قطع عنه إلّا سلطنة واحدة؟ فلا بدّ أن لا تشغل إلّا ذمّة واحدة المترتبة عليها للمالك سلطنة واحدة.
والمفروض أنّ بناء على ضمان جميع الأيادي المتعاقبة لازمه أن تثبت له أملاك متعدّدة بالنسبة إلى الأبدال المفروضة على الذمم المتعدّدة ، ولذلك التزم صاحب «الجواهر» قدسسره بأنّ اشتغال الذمّة ليس إلّا لمن استقرّ الضمان عليه ، وهو من يكون المال عنده أو تلف في يده ، وأمّا غيره فليس له اشتغال ذمّة ، بل إنّما ضمانه شرعيّ ناشئ عن حكم تكليفي محض بوجوب الأداء (١).
أمّا الثاني ؛ وهو أنّ البدل الّذي يكون على ذمّة كلّ واحد معلّق على تلف العين ، بحيث لو انقطعت سلطنة المالك عن أصل العين لتلفها فتوجد له سلطنة جديدة على بدلها المستقرّ على ذمّة الضامن ، وما دام لم يتلف العين وتكون في يد اللاحق فكيف يستقرّ ضامن البدل على ذمّة ذي اليد السابق؟ مع أنّ القضيّة التعليقيّة المتعلّقة بالبدل ـ بمعنى أنّ مضمونيّة البدل كانت موقوفة على تلف المال ـ لم يتنجّز بعد ؛ لأنّ عين المال موجودة في اليد اللاحقة ، فكيف يجوز للمالك أن يرجع إلى اليد السابقة؟ مع أنّ العين ليست عنده ، وسلطنته لم تكن إلّا بالنسبة إليها ما دامت باقية (٢) ، والمفروض أنّ ذمّته لم تشتغل بالبدل بعد.
__________________
(١) جواهر الكلام : ٣٧ / ٣٤.
(٢) ولذلك التزم بعض في حاشيته على «المكاسب» بتصوير ضمان الأيدي المتعاقبة في نفس العين بتقريب له (انظر! حاشية المكاسب للسيّد كاظم اليزدي : ١ / ١٨٤) ، «منه رحمهالله».