صارت بحكم التلف ، بمعنى أنّها خرجت [من] تحت سلطنة الغاصب ودخلت تحت سلطنة الغير لا تخرج بذلك عن العهدة ، وسلطنة المالك على عهدته ثابتة باقية ، ولا تنقطع سلطنته هذه عليها حتّى يردّ إليه ماله بخصوصيّاته إن أمكن ، وإلّا الأقرب فالأقرب.
ولذلك قلنا بأنّ للمالك الرجوع إلى كلّ من ذوي الأيادي ، بجريان هذا الملاك في جميعها ، وقد دفعنا الإشكال الأوّل بأنّ لازم ذلك مع كون المال التالف واحدا هو اشتغال الجامع بين الذمم ، والجامع بين المراتب الثابتة على كلّ من ذوي الأيدي ، ويندفع بذلك أيضا الإشكال الّذي أشرنا إليه من عدم التصوير الجامع بين الوجود العيني والاعتباري ، لما عرفت من أنّ ما اعتبره الشارع على الذمّة ليس وجودا على حدة في مقابل العين حتّى يفرض جامع بينهما ، بل إنّما هو عينه بسعة وجودها الّتي اعتبرها الشارع.
ثمّ إنّه أشرنا إلى أنّه كما أنّ سلطنة المالك عن العين لا تنقطع ما دامت موجودة ولو لم تصل يده إليها ، كذلك عند الأداء يجب على الغاصب أداؤها بحيث لو كانت موجودة عند غيره يجب عليه تحصيلها ، وكما أنّه يجب عليه من باب المقدّمة أخذ العين عن الغير يجب على الغير تسليمه إليه (١) ، فتأمّل!
ثمّ إنّه إن أمكنه أخذ العين عن الغير وتسليمها ، فيجب ، وإلّا فللمالك أن يطالب عنه بدله ، وهذا البدل الّذي يأخذه منه ليس بدلا حقيقيّا عن المال من قبيل
__________________
(١) وقد قال ـ دام ظلّه ـ : إنّ وجه وجوب ردّ الغير به هو أنّ المقام يكون من قبيل أنّه كما يجب على النساء عدم كتمان ما خلق في أرحامهنّ ، كذلك يجب على السائلين القبول عنهنّ ذلك ، ولكن لا يخلو ذلك عن التأمّل ، كما لا يخفى ، «منه رحمهالله».