الحقّة في الجملة بالنسبة إلى بعض الامور الدنيويّة ؛ لما تقتضيه السياسة الشرعيّة ، فلذلك لو غصب المسلم خمرا من الذمّي وكذلك الخنزير فهو ضامن.
إنّما الكلام في أنّ جريان قاعدة اليد في المسألة المترتّبة على هذا التنزيل أيّ مقدار يقتضي من ضمان المثل أو القيمة؟ لأنّ الخمر مثليّ وضمان المثلي لا ينقلب إلى القيمة إلّا بعد العجز عن أداء المثل ، فالقاعدة تقتضي الحكم بضمان المثل.
ولكن يشكل الالتزام بذلك من جهة اخرى ، وهي أنّ العهدة تشتغل بما له ماليّة ، والمفروض أن الخمر لا ماليّة لها بالنسبة إلى المسلم.
وبعبارة اخرى : أنّه قد بيّنا أنّه عند وضع اليد على مال الغير اعتبر الشارع لهذا المال وجودا اعتباريّا على يد الغاصب ، بحسب أنّ هذا الوجود الاعتباري على يده باق حتّى يردّ المال بنفسه إلى صاحبه أو مرتبة منه عند تلفه ، ويكون لهذا الوجود الاعتباري إضافة ملكيّة إلى الغاصب ، وإضافة اخرى إلى المالك ، فلو ردّ عين ماله إليه ليس له حقّ بعده بالنسبة [إلى] ذاك الوجود الاعتباري ، ولذلك نقول : إنّ لهذا الوجود من أوّل ؛ إضافة ملكيّة إلى الغاصب ، وبعد أن عرفت أنّه لا اعتبار ملكيّة ولا ماليّة للخمر بالنسبة إلى المسلم ، فكيف يعقل أن يعتبر على يده وجودا اعتباريّا له فيشتغل به ذمّته؟!
فالّذي يسهّل الخطب ؛ هو أنّه لا بدّ أن يلاحظ ذاك الدليل للتنزيل من أنّه أيّ مقدار يقتضي؟ فإذا نزّلت الخمر الّتي لا ماليّة لها منزلة المال لاعتبار الماليّة لها عند الكفّار ؛ بل التنزيل يقتضي اعتبار جميع خصوصيّات الماليّة لها حتّى لو غصبها المسلم يشتغل ذمّته بمثلها ، أم ليس يقتضي ذلك؟ ولا إشكال أنّه لا