لها ، فلذلك لا يجوز بيعها ولا يضمن غاصبها ، بل كان إجماعا تعبّديّا لو تمّت دلالة رواية «تحف العقول» (١) وسندها ؛ يتمّ الحكم بعدم الضمان ، وإلّا فالأولى الحكم بالضمان ، كما لا يخفى ، فتأمّل!
أمّا فيما لو كان المغصوب منه ذميّا والغاصب مسلما ، فهنا بحسب ما تقتضيه القاعدة ـ لما عرفت ـ سلب الماليّة عن الخمر ، بل يجب إراقتها (٢) وإن كان لا بدّ وأن يحكم بعدم الضمان ، إلّا أنّ الظاهر أنّه لا خلاف في ضمان الغاصب في هذه الصورة ، والعلّة في ذهاب الأصحاب في المسألة إلى خلاف الأصل هي ما ذكروه في باب الجهاد من استفادتهم من آية الجزية المغيّى بقوله تعالى : (حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) (٣) بأنّ محاربة الكفّار ونهب أموالهم إنّما تجب ما دام كونهم محاربين ، وبعد انعدام هذا العنوان عنهم بإعطائهم الجزية والعمل بشرائطها ، فكما يحفظ بذلك دماؤهم وأموالهم كذلك يعامل معهم ودينهم [معاملة] دين الحقّ ، بمعنى أنّ كلّ ما يرونه من شريعتهم ويرون أنّه من أحكامهم مثل أنّهم يستحلّون الانتفاع من الخمر ـ مثلا ـ ولذلك يكون لها عندهم الماليّة ، نحن ملتزمون بأن نعامل معهم بالنسبة إلى أنفسهم في ذلك كلّه كما يعاملون أنفسهم فيما بينهم ، فيترتّب على ذلك الالتزام بالأحكام الوضعيّة على حسب أحكامهم.
ومرجع ذلك يكون إلى أنّ الشارع نزّل أحكامهم الباطلة منزلة الأحكام
__________________
(١) تحف العقول : ٣٣١ ، وسائل الشيعة : ١٧ / ٨٣ الحديث ٢٢٠٤٧.
(٢) ولأنّهم معاقبون على الفروع كما يعاقبون على الأصول ، فالاشتراك في الأحكام التكليفيّة يقتضي الاشتراك في الوضعيّة ، سواء كانت مستتبعة أم لم تكن كذلك ، فتدبّر! «منه رحمهالله».
(٣) التوبة (٩) : ٢٩.