«الجواهر» ـ بل ادّعى الإجماع ـ أنّ غصبها أيضا لا يوجب الضمان (١).
نقول : إنّ الخمر المتّخذة للتخليل وإن لم يكن لها الآن ماليّة إلّا أنّه باعتبار بقائها وصيرورتها خلًّا لا يبعد الدعوى بأنّ العرف لذلك يعتبر لها الماليّة ، ولا يراها مثل ما ليست لذلك ، بل إنّما أعدّت للخمريّة ، بل لقابليّتها لأن ينتفع منها بعد في زمان قريب يكون كاعتبار العرف الماليّة لمنافع العين الّتي لم توجد تتحقّق تلك المنافع بعد لمالك العين ، وليس ذلك إلّا لأنّه لمّا كانت العين قابلة لأن تبقى وتصير صاحبة تلك المنافع فيرونها كأنّها الآن موجودة ، فكذلك الخمر المتّخذة للتخليل وإن كانت مسلوبة المنافع الآن من جميع الجهات فعلا ، إلّا أنّه لا ريب أنّه إذا كانت قريبة لأن تنقلب وتصير خلًّا مثل نصف الساعة مثلا ، فالعرف يراها الآن باعتبار انقلابها ، مالا وذات منفعة ، وأنّ حكم الشارع بحرمة جميع الانتفاعات عنها فعلا لا يوجب سلب ماليّته مطلقا ، مع كونها كذلك ، وإذا استكشفنا كون العرف مساعدا في اعتبار الماليّة لها في مثل هذا الحال ـ أي ، فيما كان بين حال الخمريّة وانقلابها خلًّا زمان قليل ـ فيستكشف من ذلك اعتبار الماليّة للخمر المعدّة للتخليل ، لأنّ الظاهر عدم خصوصيّة لذلك ، بل المناط التهيّؤ وكونها مادّة قريبة قابلة لأن تصير شيئا ينتفع به ، فيصير لذلك مالا.
وبالجملة ؛ فسلب الماليّة عن مطلق الخمر حتّى المتّخذة للخلّ مشكل جدّا ؛ لعدم المقتضي له ظاهرا ، فالحكم بعدم الضمان مطلقا بعيد.
نعم ، لو تمّ الإجماع المدّعى في المقام على عدمه ـ وإن لم يكن نظر المجمعين في ما نحن فيه وكذلك في البيع إلى ما يزعمون من عدم اعتبار الماليّة
__________________
(١) جواهر الكلام : ٣٧ / ٤٤.