الثاني : التسبيب ، والكلام فيه يتوقّف على تمهيد مقدّمة ، وهي : أنّه لا إشكال في أنّه ما وقع عنوان السبب أو المباشر في حديث ولا نصّ من أخبار الباب ، وكذلك ما ورد نصّ خاصّ يدلّ على القاعدة المعروفة ، وهي : «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» (١) بمعنى أن يكون متكفّلا لذكر القاعدة بألفاظها ، بل أشرنا سابقا بأنّ هذه إنّما وقعت في معاقد الإجماعات واستفادها الأصحاب من الموارد الخاصّة الواردة فيها النصوص الّتي تستخرج منها بالمناط القطعي هذه القاعدة ؛ وإن كان قد يصدق عنوان الإتلاف في بعض الموارد لمساعدة العرف ، وإن لم ينطبق على ما ورد فيه النصّ ، كما سنشير إليه.
وكيف كان ؛ ليس الإتلاف موضوعا شرعيّا وعنوانا معبّرا به في لسان الشريعة ، حتّى نبحث عن معناه ، لكونه من العرف الخاصّ ، وكذلك ليس للفظ السبب أيضا معنى اصطلاحيّا شرعيّا حتّى ندور مداره ، وأنّ ما ورد في لسان الأخبار عناوين خاصّة أو عامّة قد تنطبق على هذه العناوين اللغويّة والعرفيّة ، وقد لا تنطبق ، فإنّ ما ورد في الأخبار الّتي ذكرها في «الجواهر» عند تنقيح هذا البحث (٢) هو أنّ :
منها ؛ قوله عليهالسلام : «من أضرّ بطريق المسلمين فهو له ضامن» (٣).
ومنها ؛ صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أخرج ميزابا أو كنيفا ، أو أوتد وتدا ، أو أوثق دابّة ، أو حفر شيئا في طريق
__________________
(١) جواهر الكلام : ٣٧ / ٦٠ ، انظر! القواعد الفقهيّة : ٢ / ٢٨.
(٢) جواهر الكلام : ٣٧ / ٤٦.
(٣) وسائل الشيعة : ٢٩ / ٢٤١ الحديث ٣٥٥٤٠.