فقاعدة الحرج ونحوها لا تعارض الضمان المسبّب عن سلطنة المالك على ماله ومتلفه ، ولا إشكال أنّ النسبة بين صدق الحرج وصدق الإتلاف في مورد المكره عموما من وجه ، لأنّه ربّما يصدق الحرج بلا صدق الإتلاف ، كما إذا أوعد المكره على أمر يكون ضررا عليه من ضرر حالي وغيره ، ولكن لا يصحّ سلب نسبة إتلاف المال عنه بمعنى أن يصدر الفعل عنه عن اختيار.
ولا يتوهّم أنّ المكره مطلقا لا يكون مختارا في الإتلاف وإنّما اختياره يكون تحت إرادة الغير وهو المكره ـ بالكسر ـ فمطلقا هو غير مختار في الإتلاف سواء كان المتوعّد عليه ضرريّا أم حرجيّا أو فوقهما.
ودفع ذلك هو أنّه لا خفاء أنّ صدق نسبة الإتلاف وصحّته دائر مدار صدور الفعل عن قصد وإرادة ، ومن المعلوم أنّ إيعاد المكره على إتلافه مال الغير لا يوجب ذلك سلب الإرادة عنه مطلقا ، ولو كانت إرادته تحت إرادة الغير ، وذلك لأنّه بيّنا في محلّه أنّ المكره على أمر لكونه متوعّدا على المكروه إنّما يكون في الحقيقة مكرها على الجامع بين المكره عليه والمتوعّد عليه ، بحيث يكون كلّ واحد منهما في ظرف عدم الآخر تحت طلب المكره وإرادته ، فكلّ منهما بخصوصيّته يكون تحت إرادة المكره ـ بالفتح ـ واختياره ، فإذا اختار المكره عليه لما كان بخصوصيّة تحت إرادته واختياره ، ولذلك تصحّ نسبة إتلاف المال إليه (١).
فإذا صدق ذلك وإن كان لو لم يفعل ذلك ليقع في الضرر والحرج ، فمقتضى
__________________
(١) وبذلك صحّحنا معاملة مكره وقلنا بأنّ الالتزام بصحّته عند الإجازة هو الموافق للقاعدة ، لا العكس ، فتدبّر! «منه رحمهالله».